الناس تنتفض في لبنان، فاض بها الكيل، لا شعارات طائفية ولا دعايات حزبية، جميعهم توحدوا تحت علم لبنان، مطالبهم واحدة، ضد فساد الطبقة السياسية الحاكمة. فلا شيء أذل على الإنسان من أن تسرق منه لقمة عيشه، وتحرمه من أبسط حقوقه في حياة كريمة لا عوز فيها ولا فقر.
الجميع خرج بلا استثناء، فالمعاقل التي كانت تعتبر حصينة عند أحزابها على الاعتراض أو حتى المجاهرة بالرأي المختلف كحزب الله وحركة أمل الشيعيتين، أصبحت تعلن مجاهرة الوقوف ضدهما، فها هي مدينة صور والنبطية والبقاع والضاحية أضحت ترفع صوتها ضد فساد عائلة نبيه بري، تلك الأيقونة التي لا تمس عند أتباعها، وتجاهر بالاعتراض على الفساد الذي استشرى في مفاصل الحركة والحزب معا.
هذه المظاهرات لن تكون كسابقاتها، فشعاراتها لا تتوقف فقط عند الأزمة الاقتصادية وإصلاح الأوضاع المعيشية، بل تجاوزتها إلى المطالبة بإسقاط الطائفية السياسية. وهنا تكمن الصعوبة الذي لا مخرج منه إلا من خلال حروب أهلية تقضي على الأخضر واليابس، وتعيد عقارب الساعة إلى الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي، هذا احتمال قائم ووارد، وإلا كيف يمكن إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه وإدماج فرعه العسكري المسلح بالجيش؟!
حتى لو جرت إصلاحات اقتصادية كما طرحتها رئاسة الوزراء وتم تنفيذها، فإنها تظل حلولا وقتية تطبيبية. لكنها سرعان ما سوف يأتي لها وقت وتنفجر في وجه الجميع، فالمشكلة بالأساس سياسية بالدرجة الأولى فالنظام السياسي القائم على التقسيم الطائفي هو جوهر الأزمة.
فعندما جرى اتفاق الطائف عام 89م كان أحد بنوده نزع سلاح الميليشيات في الساحة اللبنانية، وبطلب من حافظ الأسد استثني حزب الله بوصفه مقاومة في الجنوب، وفي وقتها كان الحزب في العقد الأول من تشكله. لكن ما لم يكن في الحسبان أن يأتي وقت ويهيمن فيه الحزب على النظام السياسي برمته بسبب سلطته وقوته المتنامية والدعم اللامحدود الذي يجده من الحرس الثوري الإيراني.
لذلك ميليشيا حزب الله تتحمل الجزء الأكبر من الحال الذي وصل إليه لبنان فهي التي تملك الكتلة النيابية الأكبر، وعدد وزرائه الأكثر في الحكومة وهو من فرض ميشيل عون كرئيس جمهورية، وهو من يتحكم في قرار الدبلوماسية الخارجية، وفي مفاصل الدولة وبسببه انعزل لبنان عن محيطه العربي، ولا ننسى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من طرف الولايات المتحدة، التي أتت أكلها وضيقت كثيرا على موارده ومداخيله وبالتالي على الشعب اللبناني.
ثم يخرج أمينه العام حسن نصرالله -بعد المظاهرات الشعبية- ويلوح بالتهديد إذا ما استقالت الحكومة، ويهدد أيضا بالنزول للشارع.
والسؤال هنا كيف يمكن تصريف فائض القوة لدى هذه الميليشيا؟.
ولا أظن في وارده أن يتنازل سليما عن سلاحه لأجل الدولة ومؤسساتها العسكرية، فعقيدته وولاؤه لا يسمحان له بذلك على الإطلاق، فولاؤه للخامنئي أكثر أهمية من الدولة اللبنانية ومستقبل أبنائها. ومغامراته في سوريا واليمن دليل على أن بإمكانه أن يذهب بعيدا في نشر الفوضى في المنطقة لأجل مخططات إيران.
كل هذا يدعو للقلق، فلا أفق مفتوحا للخروج من هذه الأزمات المتلاحقة. لكن ما يعطينا بصيصا من الأمل ولو بعد حين هو أن وجدنا مؤخرا انتفاضة الشعب العراقي واللبناني لم تقم على أساس طائفي بل قامت لأجل الفرد وكرامته ولقمة عيشه، ولأجل استرداد الدولة من الطائفيين المقيتين.
ناهيك بالطبع عن البقية كجبران باسيل وحزبه التيار الوطني الحر، وسعد الحريري وتيار المستقبل، الذين جعلوا من مشاريع الدولة واستثماراتها غنيمة تتقاسمها فيما بينها اعتمادا على التقسيم الطائفي لمؤسسات الدولة.
هذه المظاهرات لن تكون كسابقاتها، فشعاراتها لا تتوقف فقط عند الأزمة الاقتصادية وإصلاح الأوضاع المعيشية، بل تجاوزتها إلى المطالبة بإسقاط الطائفية السياسية. وهنا تكمن الصعوبة الذي لا مخرج منه إلا من خلال حروب أهلية تقضي على الأخضر واليابس، وتعيد عقارب الساعة إلى الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي، هذا احتمال قائم ووارد، وإلا كيف يمكن إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه وإدماج فرعه العسكري المسلح بالجيش؟!
حتى لو جرت إصلاحات اقتصادية كما طرحتها رئاسة الوزراء وتم تنفيذها، فإنها تظل حلولا وقتية تطبيبية. لكنها سرعان ما سوف يأتي لها وقت وتنفجر في وجه الجميع، فالمشكلة بالأساس سياسية بالدرجة الأولى فالنظام السياسي القائم على التقسيم الطائفي هو جوهر الأزمة.
فعندما جرى اتفاق الطائف عام 89م كان أحد بنوده نزع سلاح الميليشيات في الساحة اللبنانية، وبطلب من حافظ الأسد استثني حزب الله بوصفه مقاومة في الجنوب، وفي وقتها كان الحزب في العقد الأول من تشكله. لكن ما لم يكن في الحسبان أن يأتي وقت ويهيمن فيه الحزب على النظام السياسي برمته بسبب سلطته وقوته المتنامية والدعم اللامحدود الذي يجده من الحرس الثوري الإيراني.
لذلك ميليشيا حزب الله تتحمل الجزء الأكبر من الحال الذي وصل إليه لبنان فهي التي تملك الكتلة النيابية الأكبر، وعدد وزرائه الأكثر في الحكومة وهو من فرض ميشيل عون كرئيس جمهورية، وهو من يتحكم في قرار الدبلوماسية الخارجية، وفي مفاصل الدولة وبسببه انعزل لبنان عن محيطه العربي، ولا ننسى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من طرف الولايات المتحدة، التي أتت أكلها وضيقت كثيرا على موارده ومداخيله وبالتالي على الشعب اللبناني.
ثم يخرج أمينه العام حسن نصرالله -بعد المظاهرات الشعبية- ويلوح بالتهديد إذا ما استقالت الحكومة، ويهدد أيضا بالنزول للشارع.
والسؤال هنا كيف يمكن تصريف فائض القوة لدى هذه الميليشيا؟.
ولا أظن في وارده أن يتنازل سليما عن سلاحه لأجل الدولة ومؤسساتها العسكرية، فعقيدته وولاؤه لا يسمحان له بذلك على الإطلاق، فولاؤه للخامنئي أكثر أهمية من الدولة اللبنانية ومستقبل أبنائها. ومغامراته في سوريا واليمن دليل على أن بإمكانه أن يذهب بعيدا في نشر الفوضى في المنطقة لأجل مخططات إيران.
كل هذا يدعو للقلق، فلا أفق مفتوحا للخروج من هذه الأزمات المتلاحقة. لكن ما يعطينا بصيصا من الأمل ولو بعد حين هو أن وجدنا مؤخرا انتفاضة الشعب العراقي واللبناني لم تقم على أساس طائفي بل قامت لأجل الفرد وكرامته ولقمة عيشه، ولأجل استرداد الدولة من الطائفيين المقيتين.