وحتى نكون واقعيين أكثر لا تخلو بعض الرسائل التي تصلنا من تلك الوسائل: "واتس أب" أو "توتير" أو "انستغرام" وغيرها، من الفائدة على شكل مقال أو رسالة أو جزء من صفحة من كتاب، ولكن تلك الفوائد تضيع في بحور متلاطمة من الرسائل الغثة الكثيرة. وتظل أيضا هذه قراءة مبعثرة، وليست منهجية، وقد يضيع الوقت في فرز والبحث عن المفيد مقابل كثرة الضحل والهذر!. ومن هنا تأتي أهمية جودة المقروء مقارنة بكميته.
وبعد هذه المقدمة الطويلة بعض الشيء! دعونا نتحدث عن بعض التجارب والحلول لعلها تفتح الأبواب على مصراعيها للأفكار والعزائم للعودة إلى أحضان القراءة والكتاب.
من الحلول تخصيص وقت محدد ومناسب بشكل يومي، وكل إنسان أعلم بأوقاته وجدوله. وعلى سبيل المثال فإن بيل غيتس (مؤسس شركة ميكروسوفت) يخصص ساعة كاملة قبل النوم لقراءة كتاب. وكان الرئيس الأمريكي فرانك روزفلت يقرأ كتابا قبل الفطور. وأما الشخص الذي لا يجد عزما أو يكون ملولا! فتكون البدايات بتخصيص دقائق معدودة "عشر دقائق أو ربع ساعة" على أوقات متفرقة خلال اليوم حتى تنشأ عادة جديدة.
ومنها الهروب إلى المكان الذي تجد فيه الراحة بعيدا عن الأضواء والضوضاء، مثل استراحة أو حديقة أو ديوانية هادئة! وإذا ضاق عليك المكان، فلو نصف ساعة في سيارة تفي بالغرض.
ومن التجارب أن القراءة عن أصحاب الهمم ترفع العزيمة وتنشط النفس. فهذا ابن الجوزي -رحمه الله- يقول: ما أشبع من مطالعة الكتب وإذا رأيت كتابا لم أره، فكأني وقعت على كنز. وقال الجاحظ سمعت الحسن اللؤلؤي يقول: غبرت - أي مكثت- أربعين عاما ما قلت ولا بت ولا اتكأت إلا والكتاب موضوع على صدري!، وتلك الصورة البليغة لملازمة الكتاب تشبه حالنا اليوم مع الجوال ومواقع التواصل الاجتماعي مع فارق التشبيه!
ولا تندهش حين اقترح وضع الجوال عندك بعيدا لمدة ساعة يوميا (إن استطعت إلى ذلك سبيلا!)، فلست مضطرا أصلا أن تحمله معك طوال الوقت، والانشغال بالأهم أنفع وأدوم أثرا.
ومنها مشاركة الآخرين الذين لديهم نفس الشغف مثل مجموعات القراءة سواء على النت أو في مقهى ثقافي أو أي طريقة أخرى من أجل التشجيع والانضباط إذا كان الشخص لا يستطيع فعل ذلك لوحده. وهناك مواقع كثيرة على الإنترنت تساعد على القراءة والمتابعة الجماعية.
ومن الاقتراحات، أن تحمل كتابا معك أينما ذهبت ورحلت!. وقد قال الذهبي عن الحافظ الحسن الهمداني أنه سافر إلى بغداد وأصبهان مرات ماشيا وكان يحمل كتبه على ظهره!. وكان أحمد أبو جعفر القيرواني آية في الدراسة والمطالعة ولا يكاد يسقط الكتاب من يديه حتى عند الطعام!!. ومن يشتكي من ثقل الكتاب! فاليوم يستطيع الواحد منا مع سهولة ووفرة الوسائل أن يحمل معه الآلاف من الكتب الرقمية في أي جهاز إلكتروني، ولن يعدم الوسيلة من كانت له همة!. ومن ناحية شخصية فما زلت من المدرسة القديمة التي تفضل الكتاب الورقي على الإلكتروني أو الرقمي.
وزبدة القول، إنه إذا كانت هناك رغبة، فكل الطرق تؤدي إلى الغاية.