في ظني.. لا بل في يقيني أن كل «مطب صناعي» يتم تنفيذه، في أي مكان من مدن المملكة، هو في حقيقة الأمر إعلان فشل جديد لأداء أجهزة المرور، ولروادعها وإمكانياتها وقدراتها، لكن ما الذي يدفعني إلى هذا اليقين الذي قد يبدو متطرفًا، أو مبالغًا فيه؟ سأقول لكم: كنا في السابق نتقبّل مضطرين فكرة تنفيذ المطبات الصناعية على سوئها للحدّ من خطورة المتهورين، وكبح جماحهم القاتلة في ممارسة الطيش المروري، وتهديد أرواح الناس وممتلكاتهم، وكنا نغمض أعيننا حتى عن سوء تنفيذ بعض تلك المطبات التي تحوّلت في بعض الأحيان نتيجة سوء التنفيذ إلى فخاخ لاصطياد العابرين، الغافلين، يوم كان المرور لا يملك غير رقابة أفراده ودورياته لضبط حركة السير على الطرقات، على اعتبار أنهم لا يمكن بحال أن يسيطروا على كافة الطرق في بلد تتجاوز مساحته المليونين ونصف المليون كيلو متر مربع، لكن اليوم ومع توفر التقنيات الحديثة التي تستخدمها أجهزة المرور عبر نظام ساهر وغيره، وعبر كاميرات المراقبة، وأدوات الرصد الآلي التي تستطيع أن تُميّز ما إذا كان السائق يتحدث بالجوال أو هو يفرك أذنه، وتستطيع أن تسجل سرعة السيارة بالمتر/ الساعة، يصبح (السيد المطب الصناعي) عقوبة للمسالمين، أكثر مما هو وسيلة للحد من جنون «المفحطين»، بل يصبح جزءًا لا يتجزأ من فكرة أذى الطريق الذي في إزالته صدقة، لأن وجوده، وتوالده، وتكاثره إلى اليوم، في ظل آليات الرصد الحديثة لا يعني سوى شيء واحد، وهو فشل المرور في استخدام ما بين يديه من الإمكانيات لإدارة شغله بشكل مثالي، أو هروبه من معاقبة المتهورين بإيكال الأمر إلى مطبات صناعية تخلع قلوب الكهول من مكانها، وتعزز علاقة سيارات الناس بالمناطق الصناعية وورش الصيانة، خاصة وأن معظم تلك المطبات التي لا تزال تنفذ حتى اليوم، يتم تنفيذها بطرق عشوائية تجعل من تفادي الإصابة من خلال العبور عليها أمرًا مستحيلًا حتى ولو كنتَ تسير بسرعة عشرة كيلو مترات في الساعة.
ورغم أني لستُ متفائلًا في السلامة من فكرة المطبات الصناعية التي انقرضتْ في بلدان كثيرة نتيجة فعالية أنظمتها المرورية، إلا أنني ما زلتُ أحمل شيئًا من الأمل في أن يتنبّه المرور إلى فاتورتها الباهظة، وكلفتها على الناس حيث لا مستفيد منها سوى الورش، وإن كان ولا بد منها فليس أقلّ من تنفيذها بطريقة هندسية صحيحة تحدّ من السرعة، دون أن تدفع الغافلين أو ضعاف النظر «مثلي» إلى زيارة الطوارئ من حينٍ لآخر لتضميد إصابات رؤوسهم! أو أن تتسبب في حجب الرؤية بلخبطة (نقابات) بعض أخواتنا!.