وعندما يأتي الحديث عن أمن الملاحة البحرية واستقرار المنطقة، فإن إيران لا بد أن تكون حاضرة وبقوة في مناقشات جلسات المؤتمر، فخلال مشاركة وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير في جلسة «الدبلوماسية الدفاعية والاستقرار الإقليمي»، أكد أن إيران تنتهج رؤية ظلامية وأن ممارساتها في المنطقة تعيق الأمن والاستقرار، كما أنه حملها مسؤولية الهجوم على المنشآت النفطية في بقيق وخريص، وأكد أن على إيران التخلي عن سلوكها الظلامي، واحترام سيادة الدول، والقانون الدولي، مشيرا إلى أنها دولة تحريضية تهدد النظام الدولي، وأن مفتاح الاستقرار هو الردع والتصميم الثابت من جانب المجتمع الدولي على ضرورة مواجهة النهج الظلامي الإيراني وتشديد العقوبات عليها. وفي خطابه الافتتاحي الذي ألقاه المدير العام والرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS) جون تشابمان خلال العشاء، تطرق إلى التقرير المطول الذي أصدره المعهد الإستراتيجي في 217 صفحة تحت عنوان (شبكات نفوذ إيران في الشرق الأوسط)، والذي أمضى الفريق في إعداده قرابة السنة ونصف السنة، والذي يبين بتفصيل الميليشيات التابعة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، والتي تعتبر بحسب التقرير هي الخطر الأبرز على المنطقة والعالم. وقد وزع التقرير بشكل كبير على الحاضرين، وإن كنت أعتقد أن معظم المعلومات التي سوف يتضمنها التقرير ليست غريبة على المتابعين للشأن الإيراني، لكن المفيد أن تجتمع في مرجع واحد وموثقة. ومما قاله تشابمان في حديثه عن التقرير إن إيران أتقنت تكتيك استخدام الطرف الثالث، أي الميليشيات، ما سمح لها بتغيير ثقل القوى في الشرق الأوسط. فبالنسبة لإيران فإن الميليشيات أكثر تأثيرا من برنامجها النووي والباليستي، ومن قواتها التقليدية العسكرية. حيث إن الميليشيات تكلف أقل وأصبحت الأداة المفضلة لإيران للتأثير على المنطقة. وأضاف تشابمان، إن إيران لديها أكثر من 200 ألف مقاتل من وكلاء وأعضاء في ميليشيات غير حكومية حول الشرق الأوسط تستطيع إيران الاعتماد عليهم لزعزعة استقرار المنطقة. كما أكد تشابمان اعتمادا على الدراسة أن السبب الرئيسي الذي يسمح لإيران بالاستمرار في تجنيد وتمويل الميليشيات هو أنها لم تتعرض لرد حاسم أو عسكري من المجتمع الدولي. وخلص تشابمان إلى أن ما يحدث من احتجاجات في العراق ولبنان يشكل تحديا لهذه الإستراتيجية الإيرانية، بحيث أصبح النظام الإيراني يرتبط الآن بنفس الفساد الذي سمح له بالتأثير على هذه الدول أساسا.
وأخيرا.. إن نجاح فعاليات مؤتمر «حوار المنامة» المتكرر كل سنة في نقاش قضايا المنطقة وعلى مدى عقد ونصف من الزمن، يعكس حرص البحرين مع أشقائها دول الخليج على تعزيز أمن واستقرار المنطقة، وتوفير منصة دائمة للحوار والتعاون المشترك مع مختلف الدول لتسوية أزمات المنطقة.