وبسبب كل تلك الفوائد، فقد أطلقت هيئة الأمم وسم (هاشتاق) #MountainsMatter لدعم الاهتمام بالجبال والمحافظة على مواردها الطبيعية المهمة للبشر. حيث قالت في موقعها إلكتروني بمناسبة هذا اليوم: «تعتبر الجبال مؤشرا مبكرا لتغير المناخ. ومع استمرار الاحترار العالمي، فإن سكان الجبال -الأكثر جوعا وفقرا- يواجهون تحديات كبرى من أجل البقاء. لهذا فإن ارتفاع درجات الحرارة يعني أيضا أن الأنهار الجليدية الجبلية تذوب بمعدلات غير مسبوقة، مما يؤثر على إمدادات مجرى المياه العذبة في اتجاه الملايين من الناس».
والجبل يطلق على القمة التي تترفع فوق سطح الأرض 610 أمتار بحسب الموسوعة البريطانية. وأعلى نقطة ارتفاع على سطح الأرض هي قمة إفريست (8848م) ضمن سلسلة جبال الهمالايا. وأما في المجموعة الشمسية فأعلى جبل يوجد في كوكب المريخ حيث يبلغ ارتفاعه (21171 م) ويسمى جبل «أوليمبوس مونس».
وأما على مستوى المملكة، فهناك عدة جبال مشهورة منها السروات، مدين، الحجاز، تهامة، وغيرها الكثير في عدة مناطق مختلفة، وأعلى قمة فيها تبلغ تقريبا 3000 م. وبمناسبة الحديث عن الجبال في المملكة، فإن ذلك يذكرنا بمقولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله-: إن همة السعوديين مثل جبل طويق.
ويتم غالبا تشبيه قمم الجبال بهمة الإنسان للقيام بالأمور العظام والجسام. وقال الشاعر: ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.
ويضاف إلى ما ذكرناه أن بيننا وبين بعض الجبال علاقة عاطفية جياشة فيها الكثير من الود والحب، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن أُحُدا جبل يحبنا ونحبه»، ويبلغ ارتفاعه تقريبا 1000م.
ولا تندهش حين يقال عن الجبال على عظمتها وصلابتها أنها مجموع من الحصى، فهذا يعطينا درسا قيما وهو أننا مهما بلغت قوتنا أو إنجازاتنا فعلينا بالتواضع، وقد قيل: لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى!
ومن ناحية علمية، اهتم الإنسان منذ القدم بمعرفة تكوين الجبال. وكانت إسهامات وأفكار الشيخ الرئيس ابن سينا عن كيفية تكوينها معتمدة عدة قرون في بلاد الغرب كما ذكر ذلك أبو العينين في كتابه «كوكب الأرض».
وإذا نظرنا إلى علاقة الإنسان بالجبل تاريخيا، فقد جاء في بعض الروايات أن سفينة نوح عليه السلام رست على جبل يسمى (الجودي). ومن القصص التاريخية المشهورة والتي ورد فيها ذكر الجبل، أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان على المنبر يخطب يوم الجمعة في المدينة المنورة فصاح بأعلى صوته: «يا سارية الجبل، الجبل»، وكان يخاطب أثناء المعركة قائد الجيش (سارية بن زنيم الدؤلي الكناني) الذي أرسله إلى بلاد الفرس حيث أحاط بهم العدو، فأراد عمر -رضي الله عنه- أن يحتموا بالجبل، وهذا يسمى في عصرنا التخاطب عن بعد أو (Telepathy).
وعلى عظمة وهيبة هذه الجبال المنتشرة على كوكب الأرض إلا أن الله الخالق سبحانه وتعالى يخبرنا عن قدرته فيها فيقول: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا». وفي موضع آخر يقول سبحانه وتعالى: «وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ» والعهن هو الصوف.
والدرس الواضح لنا يقينا أنه مهما كانت قمتك وقوتك أيتها الجبال، فالله أقوى وأكبر وأعظم.