عناوين قوية صاخبة تلامس المواطن العربي حملتها جلسات مؤتمر فكر ١٧، حيث ناقشت العديد من القضايا العربية ومدى احتياج الفكر لبعض المفاهيم لينمو ويتطور ليصبح بيئة ملائمة مع ضرورة النظر في تجديد الفكر العربي.
محاور مفصلية وضعت على طاولة النقاش تداولها المفكرون والمتحدثون على سبيل المثال لا الحصر محور التعليم والتربية، الاقتصاد، والعلوم الإنسانية والاجتماعية وأهميتها في تجديد الفكر العربي... إلخ.
فجلسة التعليم والتربية تناولت أهمية التعليم في عملية التنشئة والتكوين واعتباره ليس مجرد أداة لاكتساب المعارف فحسب، بل المدخل الصحيح إلى تجديد الفكر العربي وتحقيق نهضته ورسم معالم الدور الجديد الذي يجب أن يضطلع به قطاع التربية والتعليم في العالم العربي بهدف المساهمة في ولادة فكر عربي جديد... فالتعليم لا يتطور من فراغ والمجتمع ومؤسساته لهم دور هام في التعليم عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب الحديثة التي تساهم في الارتقاء بالعملية التعليمية.
وفي جلسة العلوم الإنسانية والاجتماعية لا أنسى عدد الحضور الكبير الذي ازدحمت به القاعة والتي ناقشت أهمية هذه العلوم في تجديد الفكر العربي، فالعلوم هذه تشكل أصل الفكر بالنسبة لأي مجتمع، حيث يشكل الانفتاح أحد أهم أسباب التطورات التي تحدث في إنتاج وتداول المعرفة العلمية وفي المقابل يكون الانغلاق هو آفة العلوم الاجتماعية في العالم العربي.
مواضيع ومحاور متنوعة ومثرية ازدانت بها جنبات مركز الملك عبدالعزيز الثقافي لمدة أربعة أيام، شخصيا أنا عشت بها أتنقل من جلسة فكرية لجلسة أخرى استمع لمفكريها ومتحدثيها واستمتع بنقاشاتهم ومداخلاتهم المثرية، خلاصتها أن القيم التي تعين على بلورة وتشكيل الفكر العربي الجديد تتمحور حول أمر واحد، وهو العودة إلى ما كان عليه صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث ظهرت وتطورت على أيديهم الحضارة والمفاهيم الإسلامية، وسيكون تصدر الأمة العربية هو العودة للأصل، حيث الثقافة العربية لها وزنها في العالم أجمع؛ كونها مرتبطة بديننا الإسلامي، فالعروبة ليست برنامجا سياسيا أو نهجا أيدلوجيا وإنما هي أساس الهوية الجماعية للعرب، فالهوية مكونات عديدة ومتكاملة ومتداخلة.. أبرزها اللغة أي وحدة اللسان في تشكل الهوية وضمان ديمومتها.
أعود لذكر المكان الذي عقد فيه مؤتمر فكر ١٧ والذي ذكرته في بداية مقالي وهو مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي إثراء بالظهران، الذي لم يكن اختياره صدفة، بل جاء تماشيا مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ المرتبطة بالانفتاح والتجديد والتغيير وتطوير المعارف وزيادة الوعي، ودعما لخطواتها في هذا الاتجاه من خلال تجمع صناع القرار والمثقفين والمفكرين بقيادة القائد المفكر والمثقف والأديب صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.