كما ظهرت في الآونة الأخيرة على ميادين التغطيات الإعلامية «صراع الكفة»، فئة من الناشطين والمؤثرين إعلاميا يساومون بالأجر الأعلى رقما ليساندوا بأدوارهم الفعالة، مما دفع البعض للإخلال «بالهدف والقيمة إسفافا»، وفي أعقاب الركود «يرفع مؤشر الصدمة لإنعاش» الصيت والمقابل المادي، وفئة أخرى تنأى بنفسها غرورا، لأن سعرها النفيس في السوق الدعائي "مبلغ وقدره" فلم تجزيها العروض، فقطعت كل السبل بها لتعلن توقفها عن مد الدعم والمساندة.
إن الهالة الإعلامية صناعة تلجأ لها بعض المؤسسات الثقافية فتفوض مهامها إلى المخول عنها ليخاطب من خلالها جماعة "كلنا واحد" المثيرة للجدل بـ "لغة الإشارة" إللي توكل عيش، فتوزع قوائم الدعوات وتخرج العداوات وتفيض المجاملات «للمعارف والشللية»، وتقصى أدوار الناجحين والكفاءات ممن يثرون الهدف الوطني والرسالة المجتمعية، لأن الاستقطاب قائم على أساس «التمييز والكراهية»، وهذه معضلة أخلاقية عواقبها وخيمة، فمن يقبض ثمن أدواره سيدفع ثمن إجحافه والمنظومة السائبة التي ينطوي تحتها «سلوك وأهداف ومطامع» سرعان ما تهوى في سيل الانتقادات والملاحظات المستمرة إلى الفشل والتراجع..
ومن منطلق التمييز الإعلامي وسياج الفوارق الطبقية إلى «خلف الستار» بعض من الفئات الإعلامية تنعزل عن شتى أدوارها ما عدا دورها الوحيد الذي يخضب جانبا كبيرا في تخصيص العلاقات والمصالح العامة بما يعود عليها في «إطار شخصي منفعي» لرفع سهمها وسعر تكلفتها فلا تتولى بمهامها «أي معاملة قط»، ليتسنى لها الحصول على عرض «مغر» من واقع الإعلام المرئي والصوتي لجني «النقاط والمكاسب الشخصية».
إن «القشور الإعلامية» حين تخرج للميادين الاجتماعية بشتى مجالاتها، ملاذها «الأضواء وبريقها»، لا أن تقف وتساند «شرفاء الخدمة والمهنة» المتصببين عرقا الكادحين والمنهمكين والمغمورين في سعي وطنهم، كي «تمحي» أثرهم لتنتفع هي، فتبني أسوارها بجدار صلب وحواجز متينة لتحجب خلفها كل مخلص وشريف طلبا لغايته، لتواكب سيرها راكضة خلف «الامتيازات» الطبقية، بينما الكفن يبقى فارغا، ليخرج لنا بعد ذلك إعلاما «مشوها منافقا»، خبراءه «كوادر خائبة» هدفها الطبقية والمادية البحتة.
• إن الإعلام مسؤولية تلقى على عاتق كل من فوضت له مهام الرسالة «الكلمة والقلم» لا من يرعى شؤونه الخاصة ويبحث عن ضالته في «خزائن التمويل» ضاربا بالقيمة عرض الحائط.
• إن الاعلام الحقيقي يتجسد في صورة صادقة جلية، لا منتفع متنطع ولا ملفق ومعاد.
• إن الإعلام الحقيقي ليس «باب صدقات» ولا «جامع حسنات» ولا «سوق ماركات» ولا «مركاز معرفات» ولا «عقار شهرة».
• إن الإعلام الحقيقي رسالة سامية، وقودها الكوادر الشريفة الوطنية، لا تلك اليد التي تمتد لتختلس أفكارهم وتستنزف عضلاتهم وتستبيح جهودهم لترحل بها «مكفولة محمولة» لسفينتها السريعة وحدها وتتركهم في منأى ولظى يتقلبون.
• إن بناء المجتمع ركيزة، والقضايا الوطنية الشريفة لا تكتمل إلا في ضوء الاستقامة والنزاهة والتجرد من المتاجرة الطبقية والرأسمالية المستغلة للقوى الفردية لبسط المد المالي وانعدام القيمة، فالإعلام الحقيقي بصمة وطنية ومبادئ معاييرها الجودة الثابتة، التي لا تزحزحها المتغيرات، ولا تغريها المغريات، ولا تسيئ للآخرين وتنقص من احترامهم ومكانتهم في جل الميادين.