ضمن الاحتفالية الثقافية السعودية التي تقام بمعرض القاهرة الدولي للكتاب ألقى الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية محاضرة حول "جهود الجامعات السعودية في جمع التراث وتحقيقه ونشره"، فقال: الجامعات السعودية بدأت قضية العناية بالتراث في مرحلة جمع هذا التراث والجامعات ليست الرائدة في هذا المجال، لأنها نشأت متأخرة. ومن المعروف عناية المكتبات بجمع التراث قبل إنشاء الجامعات.
وأوضح أن كل جامعة فيها عمادة لشئون المكتبات، وضمن هذه العمادة هناك قسم للمخطوطات، وجمع المخطوطات يأتي بأساليب شتى، فهناك مخطوطات أصلية ومخطوطات مصورة، والأخيرة أكثر، لأن أصول المخطوطات موجودة في مواطنها الأصلية والكل ضنين بمخطوطاته. ومع ذلك كان يوجد في بعض الفترات نشاط هائل في شراء المخطوطات بأسعار مرتفعة، ومهما كان هذا في فترات توفر السيولة، وكان من المخطوطات ما هو جيد وما هو رديء.
وقال: إن جامعة أم القرى لديها نحو 10 آلاف مخطوط أصلي إضافة إلى نحو 15 ألفا من المصورات في هيئة ميكروفيلم أو ميكروفيش أو غيرها من الوسائل، وفي الجامعات الأخرى يوجد ما يقارب هذا العدد أو يقل عنه. وقد كان لدينا نشاط تمثل في إرسال بعثات لتصوير المخطوطات وشرائها.
حفظ المخطوطات
أشار الربيع إلى ان ما تلا عمليات الجمع كان حفظ المخطوطات وتخصيص أماكن لها ومعالجتها، فقد تقدمنا في هذا المجال كثيراً، فهناك ترميم وتعقيم ووسائل حديثة موجودة في أقسام المخطوطات:
وأوضح الربيع أن الجامعات السعودية استقطبت كبار المحققين في العالم العربي ومنهم من الأستاذة الكبار الدكتور محمود الطناحي ومحمد عبد الخالق عضيمة والدكتور عبد الستار الحلوجي وغيرهم، فكانت الفرصة كبيرة للاستفادة من خبراتهم وتكوين أجيال جديدة ممن أصبح يشار إليهم بالبنان في مجال التحقيق. وقد صدرت فهارس كثيرة جدا في المملكة للمخطوطات الموجودة فيها، وكان العمل في البداية بالفهارس اليدوية ثم تطور إلى الفهارس الآلية.
وقال: هناك اهتمام بخدمة الباحثين، ونؤهل عددا من الطلاب خاصة في الدراسات العليا للتحقيق بعد أن يدرسوا مناهج التحقيق وآلياته، وقد أقيمت مجموعة من الدورات في هذا الشأن، ونجد من الجيل الجديد من هو متميز وقادر على أن يقدم الكثير.
الرسائل الجامعية
أكد الربيع أن هناك ما يزيد على ألف رسالة ماجستير ودكتوراه في مجال تحقيق المخطوطات، منها 400 في جامعة الإمام محمد بن سعود، و 300 بالجامعة الإسلامية و 250 بجامعة أم القرى، والبقية بالجامعات الأخرى. وهناك 68% منها رسائل ماجستير، والبقية رسائل دكتوراه.
وأغلب الرسائل جاءت في العلوم الشرعية بما يتجاوز 70%، وهناك نحو 18% في اللغة العربية، والبقية في العلوم الأخرى. وهناك أيضا حركة تحقيق خارج الجامعات، كما أن الأساتذة يشتغل عدد كبير منهم بهذا الجانب، لكن يصعب حصر ما قاموا به. وهناك ما ينشر من كتب محققة سواء كان رسائل جامعية أو رسائل صغرى في مجلات الجامعات السعودية او كتب تنشرها الجامعات، ويأتي في مقدمتها في هذا المجال جامعة أم القرى.
الكتب الكبيرة
أشار د. الربيع إلى أنه في المرحلة الأخيرة اتجهت الجامعات إلى نشر الكتب الكبيرة، وبصفة خاصة جامعة الإمام سعود، حيث يتم توزيع الكتب الكبيرة أو الموسوعات على الطلاب، ولأن الطلاب ليسوا مستوى واحدا فإنه يتم وضع منهج للتحقيق يقوم على توحيد الرموز وأساليب الإحالة والتعليقات، وتوضع كلها بشكل جيد حسب توجيهات المحققين. وبقدر الإمكان نعمل في الجامعات السعودية على أن يكون المشرف على تحقيق كتاب معين واحدا، وإن لم يكن كذلك فإن اختلف المشرفون فالمنهجية واحدة.
ومما ينقص حركة تحقيق المخطوطات عدة أمور، منها التنسيق، حيث إن هناك تكراراً في الرسائل، وربما لا يكون هذا مقصورا على الجامعات السعودية وحدها، وإنما ينطبق أيضا على الجامعات العربية والإسلامية. والأمر الآن ميسر مع استخدام أجهزة الحاسب الآلي وشبكة الاتصالات العالمية "الإنترنت" لكن الإنسان يشعر بالحزن عندما يجد التكرار. وبعض ما يحقق لا يستحق التحقيق، والمشكلة عندنا أن الطالب الذي يحقق يجد في ذهنه أن الكتاب الذي يحققه هو أفضل الكتب، وهذا خطأ. أتمنى لو صرفت بعض الجهود إلى ما هو أجدى. وهذه الكتب المحققة جزء كبير منها مازال حبيس الأدراج، وما ينشر منه نسبة متدنية، وما يطبع أيضا في الجامعات لا ينشر ولا يسوق بشكل جيد، وفي اعتقادي أن تسويق الكتاب مما ينبغي أن يعتني به. وعدد الكتب المحققة التي لم تنشر أكبر بكثير من الكتب المحققة التي نشرت، فعند النشر تدخل عوامل أخرى مثل التمويل والتسويق، فيحدث فرق كبير بين ما يتم تحقيقه وما ينشر من هذا المحقق، فالاختلاف في الأرقام كبير.