ولفت المختصون إلى أنه يمكن للغة أن تكون أداة اقتصادية، بل أحد الأسس لتطوير العلاقات الاقتصادية، وسبق لها أن ساهمت بمثل هذا الدور عن طريق القبائل العربية، بل إنها كانت في صلب العمليات التجارية، لاسيما في طريق الحرير وما بعده، مثلما يمكن أن تكون أداة في التبادل الثقافي والأدبي والفني وكل ما يتعلق بالعمل الإبداعي، كما هي في السابق. ونوهوا إلى أن اللغات المتداولة هي لغات شعوب بإنجازات وإنتاجات علمية وفنية متقدمة، كاليابان والصين وغيرها، حيث اللغة الوطنية سيدة، والاستعاضة عن النقص باللغات الأخرى يكون إما بتعلمها مع التداول قليلا بها، أو بالترجمة الناشطة والدقيقة، مشيرين إلى أن اللغة العربية لا يتم تعاطيها بما فيه الكفاية في وعائها الأول والأكثر أهمية وهو الكتاب.
حقائق وأرقام:
1973 اعترفت منظمة الثقافة والعلوم والتربية التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) باللغة العربية بوصفها لغة رسمية من لغات العمل في المنظمة.
2012 مهّد للقرار التاريخي كل من المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية، واحتفلت (اليونسكو) للمرّة الأولى بهذا اليوم.
2013 جرى الاعتماد الرسمي للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية.
- اللغة العربية من أقدم اللغات السامية وهي إحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم.
430 مليون نسمة يتحدثون باللغة العربية.
- تُعد من اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في شبكة الإنترنت والأكثر انتشارًا ونموًا.
- لغة حية وقابلة للإضافة والتجديد.
- تتضمن مترادفات وتضادات وطباقًا وجناسًا ومجازًا وسجعًا وتشبيهًا.
- تمتاز بفنون البلاغة والفصاحة.
10 توصيات
أوضح د. عبدالحسين شعبان أن الاهتمام باللغة العربية يزداد عالميًا، وهناك توجّه، بل واندفاع عالمي لتعلّم اللغة العربية، نظرًا لأهمية العالم العربي الإستراتيجية والجيوسياسية والاقتصادية، إضافة لدور العرب الثقافي والتاريخي وفي بناء الحضارة البشرية.
وحول عزوف الشباب العربي عن الاهتمام بلغتهم الأم، قال شعبان: هناك أسباب موضوعية وأخرى ذاتية، منها تقليد بعض الجامعات والمدارس العليا، الجامعات والمدارس الغربية من خلال المناهج التعليمية ولغة التدريس، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف الشباب عنها، وكذلك عدم اهتمام المدارس الحكومية باللغة وطرق تدريسها وتأهيل المعلمين والمدرسين للقيام بهذه المهمة من جهة أخرى بطريقة محبّبة للطلبة، لا تؤدي إلى نفورهم.
وأشار شعبان إلى أن اللغة العربية تحتاج إلى أدوات لرفع شأنها وإعلاء مكانتها، لاسيّما أنها جزء حيوي وأساسي من الهوّية، والمعالجة تحتاج إلى الاعتراف بالأزمة والعمل على تجسير الفجوة وردم الهوّة، بحيث تكون اللغة العربية في المكانة الأولى التي تستحقها، خصوصًا لأبنائها والناطقين بها وتتوافر لها الوسائل والأساليب التي تعزز من هذا الدور. وهذا يحتاج إلى توافق بين المناهج التربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني، لكي تقوم بهذه المهمة.
أول تحدياتها عدم مواكبة الاهتمام الدولي بمكانتها
أوضح الأكاديمي والمفكر العراقي د. عبدالحسين شعبان أن الاعتراف الدولي بمكانة اللغة العربية والتداول بها وقدرتها على التسارع مع التطورات الدولية يُعد التحدي الأول الذي تواجهه في الوقت الحاضر، أما التحدي الثاني فهو استعداد أبنائها والناطقين بها، لاسيّما الجهات المعنية من أصحاب القرار لاعتبارها جزءًا أساسيًا من هوية العرب، الأمر الذي يتطلب اعتمادها في المخاطبات والفعاليات الرسمية الدولية.
وأشار شعبان إلى أن اللغة العربية مثل اللغات الحية خاضعة للسيرورة التاريخية وتتطور بتطور الزمن، لاسيّما في إثرائها وتخصيبها واستيعابها للحمولات الثقافية الإنسانية، وكذلك في التخلص من الشوائب والنتوءات التي لحقت بها، «وهذا يحتاج إلى ترصين الوعي بأهميتها وقدرتها الإبداعية، من جانب الناطقين بها وعدم النظر إليها بالمقارنة مع اللغات الأخرى بصورة أدنى».
الشعور بالانتماء
وردًا على سؤال، قال شعبان: يبرز بين الحين والآخر اتجاه يدعو إلى تكييف اللغة العربية لتصبح أكثر استعمالًا وقربًا بين النطق والكتابة، وذلك من خلال اللهجات التي تستخدم حسب المناطق، وأعتقد أن هذا التوجه خطر، وقد واجه معارضة شديدة، فهو يضعف الشعور بالانتماء لأمة واحدة، فضلًا عن ذلك فإنه سيضعف المشتركات التي تقوم عليها اللغة باعتبارها عنصر تقارب وتواصل بين أولاد العمومة والهوية الموحدة.
«العربية» تواجه أزمة نوعية وكمية
وفي شأن آخر، أوضح د. محمد بن إبراهيم الملحم أن اللغة العربية لا تموت أبدا، مشيرًا إلى أنها قوام الأمة وعمادها، لكنها اليوم تتآكل في صيغتها البليغة ومستواها الحضاري الذي تفاخر به، حيث هجر مثقفوها العناية بها في منتدياتهم، كما أن المسؤولين عن منصات العلم والمعرفة في مؤسسات التعليم العام والعالي وفي الإعلام ومنصات التوجيه والثقافة تنازلوا عن قيمتها وشخصيتها القيمة، فعادت بلاغتها في غربة وفصاحتها في كربة.
وردًا على سؤال، قال الملحم: إن اللغة العربية تواجه أزمة كمية ونوعية، فالكمية تتمثل في أن اللغة العربية مهددة في عقر دارها باللغات الأجنبية كلغات عمل ولغات دراسة، وحركة الترجمة بطيئة، بل هي أكثر تباطؤًا من ذي قبل، كما أن معاهد اللغات الأجنبية تتوسع يومًا بعد يوم، وتتزايد أيضًا عبر عالمنا العربي، بينما في المقابل لا تجد معاهد مماثلة تدرس اللغة العربية في الدول غير العربية، وإن وجدت فهي محدودة ولا تقارن أبدًا بهذه المعاهد.
وأضاف: أما أزمتها النوعية فهي في ترك الفصاحة والتفصح، والقبول باللغة العربية الملفقة كانتشار اللهجات العامية في منصات الإعلام الاجتماعي.
اللغات الأجنبية ليست خطرا على «العربية»
- مؤسسات التعليم بحاجة فاعلة لإخراج اللغة العربية من بين رفوف المكتبات ومعاجم اللغة الثقيلة الوزن، من حجرات الفصول إلى ساحات الحديث العامة، وتشجيع الصغار على استعمالها كوعاء سهل حمله واستيعابه الجديد.
1
- تعزيز دور منصات الإعلام والفنون، والعودة للالتزام على المسارح وشاشات التلفاز بلغة سليمة خالية من الدخائل أمر في غاية الأهمية.
2
- أهمية أن تولي جميع الجهات والقطاعات عنايتها باللغة العربية فصاحة وتفصحًا في مناسباتها العامة والخاصة وفي معاملاتها.
3
- ضرورة العمل على مبادرات لنشر اللغة العربية في الدول الأجنبية من خلال إنشاء مؤسسات وبرامج تدرس اللغة العربية من خلال دورات أو دبلومات مدعومة ماليًا لتسهيل الدراسة في تلك الدول خاصة دول الغرب.
4
- أن تصبح اللغة العربية هي اللغة الإدارية لجميع الشركات الأجنبية العاملة في دولنا العربية، ما سيفرض عليها بعدًا جديدًا في التوظيف، كما سيسهم في انتشار معاهد اللغة العربية؛ لتتمكن هذه الشركات والبنوك وغيرها من القيام بعملها على الوجه الأكمل.
5
- إلزام المدارس الأجنبية والدولية بتدريس اللغة العربية بعمق وتوسع أكثر بدرجة توصل الطالب إلى التمكن من اللغة وفصاحتها والبلاغة فيها بنفس الدرجة التي تمكّن فيها من اللغة الأجنبية.
6
- يجب أن تهتم الجهات التعليمية الحكومية بتدريس اللغة العربية ومناهجها بطريقة تجعل منها ذات قيمة وانعكاس على حياة الطالب ومهاراته بشكل حقيقي فعلي.
7
- تدريب المعلمين (باختلاف تخصصاتهم) والارتقاء بهم في اللغة العربية، فما تقدّمه لهم الجامعة لا يكفي ليتمكنوا من تقديم دروس موضوعاتهم بلغة جميلة يقتدي بها الطالب.
8
- ضرورة الاعتناء بجودة الصياغة اللغوية، ودقة التعبير، والابتعاد عن التنميط والزخرفة اللفظية.
9
- ينبغي أن تكون اللغة المستخدمة مطواعة تستجيب لمتطلبات العصر ومستجداته، بعيدًا عن الجمود والتحجر، بحيث يتم التعبير عن النبض الحقيقي للحياة، وترجمة سلوك ومواقف الحراك الاجتماعي.
10
أهمية العالم العربي تنتج اندفاعا دوليا لتعلمها