في الآونة الأخيرة أجد نفسي في غرف انتظار أو مكان تقديم خدمة، ولا بد أن أصادف على الأقل شخصا لا يقدر ولا يحترم غيره في المكان العام. تفتح جوالها وكأنها جالسة في صالة بيتها، وتبدأ بتعذيب من حولها بفتح محتوى تطبيق السنابتشات ورسائل الواتساب بصوت مرتفع.
في آخر مرة حدث هذا المشهد المتكرر كنت في غرفة انتظار أحاول أن أقرأ وأنهي بعض العمل على الجوال. لن أقول إنه يتطلب التركيز العميق، ولكن وجدت جارتي تشتت أفكاري بما تفتحه من مقاطع بها حوارات سخيفة وأصوات غريبة وتسويق كاذب وشيلات متقطعة. كل هذا بشكل سريع عندما تتعدى المقاطع وبشكل متكرر عندما يلفت انتباهها شيء وتركز عليه.
فكرت أن أقول شيئا ولكن نظرا لقلة نجاح هذه الإستراتيجية في السابق آثرت أن أغير مكاني. ابتعدت مسافة ٧ كراسي -لأحتفظ بحق الجار السابع- والتفت لعملي حتى أسمع نفس المحتوى بصوت أعلى من قبل. يبدو لي أنها اعتقدت أنني حررتها من قيد احترام المكان عندما ابتعدت.
بدأ الغليان الداخلي من تصرفها وطلبت منها أن تخفض الصوت وفعلت.
أتساءل لماذا علي أن أنبه على تصرف واضح أنه مزعج؟ أتخيل في بالي سيناريو آخر.. ماذا لو أنني بدلا من الابتعاد قررت أن «أقلط» معها وأنظر لجوالها لأكمل على الأقل الصوت بالصورة، وأعلق على ما تتفرج عليه؟ هل سوف يزعجها هذا التصرف؟ هل سوف تحس بأنني انتهكت خصوصيتها؟.
فكرة آداب أو «اتيكيت» استخدام الجوال ما زالت جديدة علينا، وتختلف الآراء حولها حول العالم من حيث نوع الاستخدام المقبول وارتباطه بالمكان. في بعض الأماكن الضيقة هناك قيود واضحة، ولكن في الغالب يترك الأمر للناس حسب تقديرهم.
أفكر في مشروع خيري يكمن في توزيع السماعات على هؤلاء على أن يكون مستوى الصوت عاليا ولا يمكن تعديله. لعل هذا المشروع الخيري والتوعوي يؤتي ثماره فمن يشارك؟.
sssolaiman@