لم تكن له مبرراته المنطقية في دخول الأزمة الليبية، وهي مشكلة عربية بحتة وخالصة، وحتى إذا نظرنا إليه من مرجعيته الإسلامية، فيكفيه النصح والرأي الذي يمكن قبوله أو رده إليه، وفي الغالب لا أحد يطلب رأيه أو مشورته، لذلك ساقه الفضول والطموح غير المشروع إلى الانحياز والاستفراد بحكومة الوفاق الهشة وقدم لها مغريات بالحماية من الجيش الليبي ليزيد حريق هذا البلد العربي.
الآن الرجل غائص في دولتين عربيتين دون وجه حق، وتمادى في التدخل السافر حتى أنه حط رحاله في تونس المجاورة لليبيا ليخرج فيها بتصريحات غير واقعية حول تحالفات وشراكات مع تونس لدعم الحكومة الليبية وحفظ استقرار هذا البلد، وذلك لم يكن يحمل أي شيء من الحقيقة وإنما مجرد أوهام في عقل إمبراطوري صغير وحالم انتهى ببيان صادم من الرئاسة التونسية.
الرئاسة التونسية لم تتردد في إصدار بيان يفند ادعاءات زائرها المتناقض ذكرت فيه أن موقف الدولة محايد في ليبيا ولم ننضم لأي تحالف، كما استهجنت الرئاسة التونسية التصريحات حول انضمام تونس لحلف تركي في ليبيا، وقالت إن تصريحات الرئيس التركي لا تعكس فحوى اجتماعه مع الرئيس التونسي، وأضافت إن الادعاءات الزائفة حول موقفنا من ليبيا تنم عن سوء تقدير، مؤكدة أن الرئيس حريص على سيادة البلاد وحرية قرارها.
ليس من حرج سياسي ودبلوماسي أسوأ وأكبر من ذلك، وعلى هذا الرئيس الحالم أن يتوقف عن العبث بأمن وسلام الدول العربية، فهي لا تنقصها متاعب إضافية من خارجها ويكفيها ما هي عليه من مشكلات، ولا تحتاج رؤساء غير مستقرين يعملون على صب الزيت في نيرانها، ولما كان هذا النوع من الرؤساء لا يتوقفون عن العبث بالأمن الخاص بغيرهم فمن المهم تعرية نياتهم الخبيثة وكشف زيف أقوالهم وأفعالهم وتناقضاتهم حتى لا يتمادوا في الإضرار بمصالح شعوبنا.
لا يمكن لرئيس تركيا أن يستعيد ما فقدته بلاده على حساب الشعوب العربية، ومن الخطأ استغلال متاعب بعضها لتحقيق مصالح لن تستمر أو تستقر، فإذا وقع اتفاقيات اليوم مع حكومة هشة وتابعة فلن يمر وقت طويل ويتم تمزيقها وحرقها في النيران التي يشعلها، فأمثال هذا السلوك الرئاسي ما أكثر من مشاغب واستغلالي ومنتفع، ونأمل أن يتمكن الشعب التركي في القريب من إدراك الهاوية التي يقوده إليها رئيسه الذي يتجه لأن يصبح مشروع دكتاتور لا يسمع إلا لنفسه أو شيطانه فيصدر فواتير عالية التكلفة لمستقبل بلادهم وغيرهم من الشعوب التي تعاني ويعمل هو بكل حمق على زيادة متاعبها وتعقيدها، كما لن يمر وقت طويل قبل أن تنقلب الأمور في وجهه ويدرك أنه لم يعد متاحا له العبث بأحلام غيره في الأمن والسلام والاستقرار.
@sukinameshekhis