وأن يستر المسلم أخاه المسلم وإن رأى منه ما يكره، فلا يجوز للمسلم أن ينشر عورات المسلمين ما لم يجاهروا بمعاصيهم، فمن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم «من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة»، ولذلك نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن تتبع عورات الناس وزلاتهم وفضحهم.
لكن دعونا نتحدث عن الستر غير الواضح مفهومه لدى الكثير من الناس ويختلف عما ورد سابقا، عندما تكون مريضا ولكنك قادر على المشي فهذا ستر من مذلة المرض، وعندما تكون لديك ملابس وإن كانت مرقعة فهذا ستر من مذلة البرد، وعندما تكون قادرا على الضحك وأنت حزين لأي سبب فهذا ستر من مذلة الانكسار، وعندما تكون قادرا على قراءة كتاب أو صحيفة فهذا ستر من مذلة الجهل، وعندما تستطيع أن تتصل في أي وقت بأهلك لتطمئن عليهم وتطمئنهم عليك فهذا ستر من مذلة الوحدة، عندما يكون لديك في جيبك مبلغ بسيط يكفيك لأن تنام وأنت شبعان فهذا ستر من مذلة الجوع، عندما تكون لديك وظيفة أو مهنة أيا كانت الوظيفة تمنعك من طلب أي شخص فهذا ستر من مذلة القهر.
عندما تكون لديك زوجة صالحة تحمل معك هموم الدنيا فهذا ستر من مذلة الانكسار.
والمثل الشائع يقول «الزواج ستر وغطاء للمرأة»، وهذه المقولة يفهمها البعض منا بطريقة خاطئة، والمقصود أن الزواج هو ستر للمرأة لإشباع الحاجات العاطفية لديها، وكذلك الزواج ستر للرجل؛ لأن الرجل يحتاج إلى الزواج لنفس الاحتياجات العاطفية وربما أكثر من المرأة، وليس المقصود الحماية، فليست هناك حماية مع وجود الأنظمة والقوانين ومؤسسات الدولة يلجأ إليها كل مظلوم ليأخذ حقه من الظالم، والقرآن الكريم جعل الستر للرجل والمرأة حيث قال الله تعالى «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن»، فكما وصف المرأة لباسا للرجل كذلك وصف الرجل لباسا للمرأة، والمقصود هنا ليس فقط الستر وإنما القرب وملاصقة وغطاء، والستر يقي تماما من الجريمة ويقلل من الحقد والحسد والكراهية بين الناس، والستر في حقيقته هو تغطية العيوب للمخطئ.
الستر خلق من أجمل وأرقى الأخلاق التي يجب التحلي بها؛ لما في هذا الخلق من القناعة وحفظ الأعراض.
[email protected]