فحتى مواقع البحث المشهورة تخضع لآليات غير موثوقة في تصدر الروابط والأبحاث والذي قد تدعمها شركات كبرى تمولها، وكذلك في وسائل التواصل الاجتماعي حيث باتت لا تخفى اليوم ألعاب الإعلام الجديد من خلال شراء الوسم لرفعه للتصدر وإيهام المتلقي بأهميته لأي غرض كان آخره محتوى هذا الوسم.
من أحد عيوب الانفتاح المعلوماتي كذلك انتشار ما يسمى أشباه المثقفين والذي يتميز بحفظة المعلومات بكم معرفي لكن مع ضعف القدرة على تنقيحها وتحليلها والاستفادة وإفادة الناس منها.
هناك من حصر معلوماته في مجاله فقط واكتسب بذلك القدرة والخبرة فهذا ينطبق عليه (مثقف في مجاله) ولكن لا ينطبق عليه المفهوم الثقافي المعرفي الشامل الذي يحفز الإنسان على الخروج عن الإطار والقالب المعرفي الذي يؤكد ويؤصل معلوماته في قناعاته ويجعله في حالة رفض لقبول الفكر والرأي من الآخرين المختلفين عنه خصوصا لو تعارض ذلك مع مصالحه الشخصية.
مر مجتمعنا السعودي بكثير من التغيرات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، ولكن ما مدى الوعي الذي اكتسبه المجتمع لمواجهة تلك التغيرات وتأثيرها عليه.
سيتضح ذلك من خلال العنصرية والتنمر الاجتماعي لغرض الإيذاء الذي يواجهه المختلف حتى في الرأي.
كلما انفتح المجتمع على الآخرين ازداد تقبله للاختلاف.
وقد لاحظنا تأثير قرابة عقدين من ظهور الإنترنت في السعودية، كوسيلة ساهمت في الانفتاح واكتساب الثقافة الجديدة، لكن أيضا بسبب بطء إجراءات تطبيق القوانين التي تواجه العنصرية، استخدم النت ووسائل التواصل الاجتماعي من وسيلة للتقارب والانفتاح المعلوماتي إلى إقحام التيارات العنصرية تجاه أشخاص أو أفراد أو جماعات للتنقيص منهم أو التحريض الاجتماعي لرفضهم أو حتى استهدافهم بما يسيء لهم.
لذلك ورغم القوانين المعلنة في مواجهة العنصرية والتعامل مع حالات واجهت العنصرية بنفس طويل يستمر لسنوات حتى حصولهم على حقهم نظاميا وإعلانها كانتصارات، إلا أن استمرارها بهذه الكيفية معلنة في وسائل التواصل الاجتماعي يعد مؤشرا اجتماعيا وثقافيا سيئا في تطور المجتمع وثقافته التي لا يمكن قبول حاليتها.
فالقرآن الكريم ذم العنصرية بجميع أوجهها، وكان الإسلام خاتم الديانات مصداقا لرسالة السلام والتعايش وقبول المختلف طالما لم يكن محاربا ومعتديا، ولم يكن مفهوم التفسيق منتشرا في عهد النبوة كما استخدم فيما بعد وفاة الرسول وعصر الخلفاء الراشدين كما استخدم لاحقا في التحريض ضد المختلفين ومنهم المثقفون.
مسؤولية توعية المجتمع وحمايته هي مسؤولية جماعية تدعمها السلطة الرسمية من خلال التشريعات لتعزيزها كي تبنى الأمة وتستمر في رسالتها وتتطور حتى تتحول لحضارة.