بعد أن تحدثنا في المقالين السابقين عن بعض مشاكل التعليم في اليابان، وهي تقريبا مشاكل تعاني منها العديد من الأقطار، بقصد إلقاء الضوء على أن الدول المتقدمة أيضا عانت أو تعاني من بعض مشاكل التعليم التي تتشابه بعضها في كثير من المجتمعات.. نتناول في مقالنا اليوم مراحل التعليم في اليابان وطبيعة كل مرحلة، فهناك المرحلة الأساسية وهي تشمل المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ويتعلم الطلاب في المرحلة الابتدائية المواد الأساسية اللازمة للحياة اليومية في المجتمع الياباني وهي: اللغة اليابانية الوطنية، والحساب، والعلوم، والمواد الاجتماعية، والتربية البدنية، والتدبير المنزلي، ويقوم في الغالب مدرس واحد في هذه المرحلة بتدريس كافة المواد الدراسية ما عدا المواد التخصصية منها مثل: الفنون اليدوية، والموسيقى، والتدبير المنزلي. أما في المرحلة المتوسطة، فيتلقون المواد الدراسية والعلمية التي تؤهلهم ليكونوا أفرادا فاعلين في المجتمع، ويقوم كل مدرس في هذه المرحلة بتدريس تخصصه، وهنا يلاحظ أن الأمر في المرحلة الأساسية التي تشمل المرحلتين الابتدائية والمتوسطة هو مشابه لما هو متبع في بلادنا، بل في كثير من البلدان المجاورة وبلدان العالم الأخرى.
أما المرحلة الثانوية، فيلتحق بها الطلاب الذين أتموا التعليم المتوسط الإلزامي، ويشترط في الطالب المتقدم للالتحاق بهذه المرحلة أن يجتاز امتحان القبول الذي تعده وتجريه المدرسة التي يود الالتحاق بها، ويتعلم الطلاب في هذه المرحلة المواد الدراسية التي تشمل المهارات والمعلومات التي تمكنه من خدمة المجتمع وتأدية الرسالة التي يجب أن يؤديها والواجب الذي يترتب عليه كمواطن تجاه الدولة والمجتمع، بما في ذلك مقررات في الزراعة والتجارة والإنتاج الحيواني وصيد الأسماك، أما في الصناعة فهناك العديد من المواد الدراسية التي تعنى بالمعارف والمعلومات والمهارات الخاصة بها، تبعا لتعدد أنواع الصناعات في اليابان وتخصصاتها ومجالاتها مثل: هندسة الآلات، والهندسة الكهربائية، والهندسة المدنية، وهندسة العمارة، والكيمياء وعلوم المعادن، وغيرها. والمدارس الثانوية أغلبها مدارس حكومية، تقوم الحكومة المركزية بإنشائها وتمويلها، ومنها أيضا مدارس محلية تنشئها المقاطعة أو المدينة أو القرية، ومنها مدارس أهلية أيضا.
أما المرحلة الجامعية، فيغلب عليها الطابع البحثي وليس الطابع التعليمي، ولا يتم الالتحاق بها كما هو في كثير من البلدان ومن ضمنها بلادنا على أساس أداء الطالب في الثانوية العامة، والمعدل الذي حصل عليه في هذه المرحلة، بل عليه أن يجتاز اختبار القبول للجامعة التي يريد الالتحاق بها، وتعنى الجامعات بالدرجة الأولى على تطوير قدرات الطالب التطبيقية والأخلاقية إلى جانب العناية بالمعارف المختلفة، وتقوم بشكل رئيس بإجراء الأبحاث المختلفة، ومدة الدراسة في معظم التخصصات أربع سنوات دراسية فيما عدا الطب وطب الأسنان فمدة الدراسة في هذين التخصصين هي ست سنوات.
أما الدراسات العليا، فهي سنتان لمرحلة الماجستير، وثلاث سنوات للدكتوراه. أما تخصصات الطب وطب الأسنان فليس فيها مرحلة ماجستير وإنما يدرس خريج الجامعة أربع سنوات للحصول على الدكتوراه مباشرة. والجامعات معظمها وطنية تنشئها وتديرها الحكومة المركزية أو المقاطعات أو جامعات أهلية ينشئها القطاع الخاص، وعلى عكس الوضع في كثير من الدول فإن الجامعات الوطنية التي تتبع للدولة المركزية أو للمقاطعات تحظى بمكانة عالية مرموقة وبكثير من التقدير الذي يجعل أكثر الطلاب يطمحون إلى الالتحاق بها؛ كونها تقدم تعليما جيدا وبتكاليف أقل من مثيلتها من الجامعات الأهلية، كما أن خريجي الجامعات الوطنية تتاح لهم فرص أكثر من سواهم في تولي المناصب القيادية. وإضافة إلى ما أشرنا إليه فهناك أنواع أخرى من المدارس منها: المدارس الثانوية المتخصصة، ومدة الدراسة فيها خمس سنوات بعد المرحلة المتوسطة، ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، ومدارس مهنية لتعليم الحرف والصناعات، ومدارس إعداد المعلمين، وكليات متوسطة أيضا مدة الدراسة فيها سنتان.
ملاحظة: سنكمل في المقال القادم- إن شاء الله- الحديث عن التعليم في اليابان استكمالا للفائدة.