الرسالة المقصودة إلى الآباء والمعلمين «معًا نحو التفوق والإبداع» هي التي حملها كتاب الدكتور سعيد عطية أبو عالي، المسمى بهذا الاسم، هو أحد رواد التعليم الحديث في المملكة العربية السعودية، بل هو في طليعة هؤلاء الرواد حين يُعدون، إضافة إلى صورته العصامية في نيل العلم بدءاً من كتّاب قرية (العبالة) في جنوب المملكة إلى المدرسة النظامية وصولاً إلى الحصول على الدكتوراة من إحدى كبريات الجامعات الأمريكية، ثم التدرج في العمل من معلم في مدرسة ابتدائية إلى مدير مدرسة ومدير لمعهد المعلمين الابتدائي، ثم التدريس في الجامعة وعمادة شؤون الطلاب إلى مدير عام التعليم للمنطقة الشرقية لسنوات عديدة شهدت خلالها المنطقة توسعاً كمياً وتطوراً نوعياً وبصمات لم تمحها السنين من ذاكرة الطلاب والمربين والمواطنين؛ لذلك كله فإن رسالة أبو عالي تكتسب أهمية بالغة كونها تصدر عن شخصية مرت بهذه الخبرات والتجارب المتنوعة. إضافة إلى اطلاعه على الأدبيات التربوية لأكثر من أمة من الأمم بما فيها، التي تلقى فيها دراسته العليا، ولذلك سوف نستعرض أهم ما ورد في هذه الرسالة وقبل ذلك لا بد من الإشارة إلى رسالة وفاء أرسلها المؤلف من خلال إهداء الكتاب إلى مَنْ علّمه في المرحلة الابتدائية الشيخ سعد بن عبدالله المليص -يرحمه الله- «وفاءً وتقديراً لجهوده في خدمة العلم والتعليم». والمليص لمَنْ لم يعرفه من الرواد الأوائل، الذين بدأ على أيديهم التعليم النظامي في المملكة العربية السعودية، والكتاب يجمع بين دفتيه مجموعة من المحاضرات والمقابلات الصحفية والإذاعية والتليفزيونية، التي تناول فيها المؤلف قضايا التربية والتعليم ومسيرة التعليم في المملكة بدءاً من الحديث عن الاهتمام الكبير، الذي أولاه الملك المؤسس -يرحمه الله- منذ وقت وطئت قدماه أرض الرياض وهو بذلك يدعم ما أورده في كتابه (رؤية جديدة)، حيث قال «إن الملك عبدالعزيز نظر إلى التعليم على أنه تعليم كل الناس من جميع الأعمار في كل مكان وفي كل وقت، وبذلك فإن التعليم في فكر الملك لم يكن موجهاً للصغار فحسب ولا هو حق لطلبة المدارس والمعاهد فقط، بل هو حق لكل مواطن ينهل منه ما يشاء وكيف يشاء ومتى يشاء.. ويخلص أبو عالي بعد استعراض هذه الجهود إلى أن جهود الملك عبدالعزيز في مجال التعليم لا تقل أهمية عن جهوده في توحيد المملكة وتأمين الاستقرار في ربوعها، ثم يتبع ذلك بالحديث عن الإنجازات في عهد الملك سعود -يرحمه الله- واصفاً هذه المرحلة (الانطلاق العظيم)، الذي بدأ بإنشاء وزارة المعارف، التي عهد بها إلى الأمير حينئذ فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله-. وبعد أن يدلي برأيه حول مفهوم النظام التعليمي ورسم السياسات التعليمية، يفرد المؤلف فصلاً خاصاً لتربية الموهبة وتنميتها محاولاً الإجابة عن السؤال الكبير: لماذا أتعلم؟ ويقدم خطة مقترحة لتنمية الموهبة عند النشء، وبعد أن يتحدث عن مجتمع المعرفة والحوارات، التي أجراها في بعض المجالس الثقافية يتحدث عن العقبات في طريق التربية والتعليم كما يراها من خلال تجربته ليختم بعد ذلك بالفصل، الذي عنوانه «رسالتي إلى الآباء والمعلمين»، التي تحدث بها عن تباين وجهات النظر بين الآباء والمعلمين حول عدد من القضايا في مقدمتها التعاون بين البيت والمدرسة، ومجتمع المعرفة والمجتمع السعودي، وهل هو مؤهل لبناء مجتمع المعرفة؟ موضحاً دور الآباء ومسؤولياتهم في تحقيق هذا التحول، وكذلك دور الطالب والمربين في هذا المجتمع، بما في ذلك المعلمون والقادة التربويون وهي خلاصة خبرة طويلة تستحق أن يستفاد منها.
fahad_otaish@