دُعيت إلى محاضرة تثقيفية عن مرض طالما كنت أسمع عنه ولكن لم أتبحر يوما في البحث عن مسبباته أو أعراضه أو ما قد يعانيه المصابون به من متاعب ومشقة قد تعيق عليهم التعامل مع متطلبات الحياة بشكل طبيعي ومريح، وفي الحقيقة لم أكن لأذهب لولا الدعوة التي وصلتني فقررت حينها أن ألبي الدعوة وأتعرف على هذا المرض عن قرب إذ أني أشعر بأنه غامض حتى في مسماه الذي قد يبدو غريبا وغير واضح عدا على الأطباء ومن أصيب به وقليل من الذين جرهم الفضول وحب الاطلاع على معرفته، وذهلت من تلك المعلومات التي تلقيتها عنه ومن شجاعة بعض المصابين الذين حضروا ليقصوا لنا تجاربهم معه.
التصلب اللويحي المتعدد أو كما يطلق عليه «M.S» مرض مناعي ذاتي يغزو المخ والحبل الشوكي وكذلك الأعصاب البصرية، مما يخلف وراءه تلفا في الغشاء النخامي للألياف العصبية، حديث طويل وتعاقبات كثيرة تنتج أعراضا قد يشعر بها البعض ويعتقد أنها طبيعية ولا تستدعي التوقف والمراجعة، حيث إن هذا المرض يهجم على ضحاياه في مرحلة الشباب بالدرجة الأولى إذ أن نحو 70 % من المرضى يتم تشخيص إصابتهم من خلال المراحل الأساسية من حياتهم من عمر 20 وحتى 40 عاما، وهذا ما قد يجعلنا ننعته «بسارق الشباب» ولا نستهين بأي عرض قد نشعر به أو يشعر به من حولنا، إذ أن أحد الحضور المصابين من النساء في تلك المحاضرة قد كانت معاناتها كبيرة قبل اكتشافه تقول: كنت أشعر بالإرهاق من أي عمل أقوم به وتنميلا في جسدي وعدم القدرة على القيام بالمهام الموكلة لي كما يجب وضبابيه في عيني تحد من مواصلتي لمهامي في بعض الأحيان، فيعتقد من حولي أنني أتكاسل ولا أريد العمل، ومنهم من يقول «إنها تتدلع» وفي الحقيقة أنا لم أكن كذلك وفي ذات الوقت لم أكن أعلم ما الذي يحدث معي، حتى انتهى بي المطاف أن ذهبت للطبيب وتم تشخيص حالتي بأني أحمل هذا المرض، حيث إن جميع من كان يعتقد بأني أتقاعس عن القيام بمهامي علم بأنني لم أكن حينها «أتدلع».
لست هنا بصدد الحديث عن مسببات وأعراض وكيفية العلاج للمرض، بل أحاول أن أفتح باب الفضول المعرفي لدى الكثير ممن يجهلونه؛ حتى يبدأوا بالبحث عنه ومعرفة تفاصيله، إذ أنه قد يكون في بيت أحدنا من يعاني منه ولم نستشعر ذلك بعد، كذلك من المهم توعية الجميع حتى وإن سلمهم الله منه، فمثلا من بين الحضور المصابين أيضا من كان يعاني عندما يقف بسيارته في المكان المخصص للمعاقين إذ يسأله الكثير لماذا تحمل «ستيكر» معاق وتقف هنا وأنت تمشي على قدميك!؟ فلو كانت لدينا معرفة مسبقة بأبعاد هذا المرض لما سُئِل هذا المصاب.
11Labanda@