ونتطرق في هذا السياق إلى «فافوري»، وهي شركة تركية خاصة، ويقع مقرها في تركيا، وأنشئت بعد زيارة أردوغان إلى مقديشو عام 2011، وتتولى تشغيل مطار آدم عدي إداريا وأمنيا منذ 15 سبتمبر 2013 وحتى اليوم، وذلك بموجب صفقة تستمر لمدة 10 أعوام، أبرمتها وزارة المواصلات في حكومة رئيس الوزراء الأسبق عبدي شيردون، ولم يصادق عليها البرلمان، وكذلك لم تحظ بموافقة الرئيس في ذلك الوقت حسن شيخ محمود، بحسب مصدر مطلع.
» وظيفة الشركة
من أبرز المهام التي تقوم بها الشركة أن تتحمل مسؤولية أعمال الأمن داخل المطار، خاصة ما يتعلق بتفتيش الحقائب وتوفير أجهزة تحقيق المسافرين، بالإضافة إلى مساعدة الموظفين الصوماليين إداريا ولوجيستيا.
وينص العقد المبرم بين الشركة والحكومة الصومالية على أن تعمل الأولى بكامل طاقتها لتحويل المطار إلى مصاف مطارات أوروبا العالمية.
وتقدر تكلفة الصفقة بين الحكومة و«فافوري» بـ 25 مليون دولار، وبموجبها يتم تقاسم الأرباح بنسبة 45% للحكومة و55% للشركة، وذلك وفق ما أعلنه رئيس الشركة عثمان بساي في مقابلة مع موقع صومالي توك، إلا أن وزير الإعلام والمواصلات الأسبق عبدالله حرسي، كان قد أخبر أعضاء البرلمان في 27 أكتوبر 2013 أن الاتفاق ينص على أن تحصل الشركة على 60% من الأرباح، والنسبة الباقية من نصيب الصومال.
» تفاصيل العقد
وكشفت تحقيقات أن مسؤولين كبارا في حكومة شيردون، كانوا متورطين في فضيحة فساد شابت الاتفاقية مع «فافوري»، ومن بين تلك الشخصيات وزيرا النقل والإعلام الأسبقان محي الدين كالموي وعبدالله حرسي موجي، بالإضافة إلى أقارب الرئيس السابق شيخ محمود.
وفيما دفعت الشركة التركية في 24 يناير 2013، 3 ملايين دولار قبل توقيع العقد تم إيداع نصفه في البنك المركزي الوطني، أما النصف الآخر فوجهته لم تكن معروفة، وأشارت تحقيقات إلى أن الرئيس السابق شيخ محمود لم يكن على علم بالصفقة وصادقتها الحكومة بدون موافقته، وحتى إنه صدم لما سمع خبر العقد، الذي لم يستوف جميع الشروط المطلوبة ليكون قانونيا ونافذا، وحاول أعضاء البرلمان مناقشة ملف الصفقة أكثر من مرة لكن لم يستطيعوا التوصل إلى صيغة للمصادقة عليها نتيجة مبررات بعضها بدواعي عدم اكتمال النصاب القانوني، وأحيانا بقرار من رئيس مجلس البرلمان السابق محمد جواري، وذلك رغم مطالبة الأعضاء بشكل صريح على ضرورة أن تعرض صفقة الشركة أمام البرلمان للمصادقة عليها، وذلك في قرار صادر في 28 نوفمبر 2015، الذي أعطى الحكومة مهلة 15 يوما لتقديمها.
» فشل البرلمان
وفي 10 مايو 2014، أجل البرلمان التصويت في جلسة ترأسها جواري بحضور نائبه الثاني مهد عبدالله عود، وفي اليوم الثاني فشل البرلمان مرة ثانية بسبب عدم اكتمال النصاب وحضر الجلسة 128 فقط.
وخلال المناقشة، انقسم النواب إلى فريقين، فريق طالب برفض الاتفاقية ووقف عمل الشركة، في حين طالب الآخر بإعادتها إلى الحكومة لإعادة النظر فيها، وكان المفروض قراءة تقرير أعدته لجنة النقل بالبرلمان حول طبيعة الاتفاقية، غير أن جواري حال دون ذلك وأعلن عدم إمكانية التصويت في هذه الجلسة وعزى ذلك إلى قلة الحاضرين، وأجّل التصويت إلى اليوم التالي.
ومنذ ذلك اليوم لم ينظر البرلمان قضية «فافوري» إلى أن صدر قرار آخر في 28 نوفمبر 2015 طالب بضرورة طرحها حتى تكون نافذة لكن لم يجد آذانا صاغية.
يشار إلى أن تقريرا سريا صادرا عن لجنة أممية في فبراير 2015، ذكر أن معظم العقود الكبيرة، التي وقّعتها الحكومة خلال العامين الماضيين لم تطرح للمنافسة المفتوحة، ويجب أن تلغى أو يعاد التفاوض بشأنها، من بينها العقد الذي أبرمته مع «فافوري».
» إيرادات المطار
ولا توجد تقارير رسمية توضح عائدات المطار وهي ليست معروفة في مجملها لا من «فافوري»، ولا من الحكومة، باستثناء إعلانات تظهر بين الفينة والأخرى عن ارتفاع نسبة إيرادات المطار دون الإفصاح عن مقدار النمو.
وأكدت الشركة التركية في 2013 أنها نجحت خلال الأشهر الثلاثة الأولى في زيادة معدلات النمو، حيث تلقت الحكومة الصومالية أكثر من 1.1 مليون دولار كإيرادات مباشرة من المطار منذ تسليمها الإدارة في 15 سبتمبر 2013، في حين بلغت إيرادات العام كله 10 ملايين دولار.
ولم تقدم «فافوري» تقريرا ماليا مفصلا واحدا منذ تسلمها إدارة المطار؛ وهذا أمر أثاره مدقق الحسابات العام، ففي 29 ديسمبر 2015، أعلن مدقق الحسابات العام نور فارح جمعالي، عن رفض «فافوري» و«البيرك» اللتين تديران مطار وميناء مقديشو، إجراء تدقيق في الإيرادات، مؤكدا عدم قدرته تقديم تقرير مالي نهائي.
وأوضح المدقق أن الشركتين رفضتا بشكل صريح تسليم تقرير حول دخل المطار والميناء، مشيرا إلى أنهما أصبحتا فوق القانون الصومالي، مطالبا قيادات الدولة والبرلمان التدخل لمعرفة العائدات قبل يناير 2016.
» عمليات الفساد
من جهة أخرى، فإن هناك مصادر داخل المطار تتحدث عن عمليات فساد في المستويات العليا، وذلك فيما يخص عدم التطابق بين ما تجنيه «فافوري» من أرباح وما تقدمه للحكومة من عائدات مالية، بالإضافة إلى تملصها من استحقاقات العقد، الذي لم يكن في صالح الشعب الصومالي.
كما أكد وزير المواصلات الحالي عبدالله أومار ضرورة إجراء تعديل بالاتفاقية، وأشار إلى وجود ثغرات تتعارض مع المصالح العليا للبلاد وتجعلها صفقة مجحفة.
وبشأن فساد المستويات الأدنى بعلم من «فافوري»، هذا ما أكده وزير الإعلام الأسبق عبدالرحمن يريسو، ووزير الدولة ونائب وزير المالية في 17 مارس 2017 بإعلانهم عن وجود فساد واسع في إدارة المطار بدت ملامحه حينما استطاعت إدارة جديدة تم تعيينها أن تحقق زيادة قدرها 34 ألف دولار خلال يومين من عائدات ضرائب شحنات القات، وهو ما يعني أنها تقدر شهريا بمبلغ 550 ألف دولار.
» الإدارة القديمة
كما ذكرت الإدارة الجديدة للجمارك أن العائدات بلغت 70 ألف دولار يوميا، في حين كانت الإدارة القديمة تحقق ما بين 30-40 ألف دولار!
لذلك يعتقد كثيرون أن «فافوري» التركية لا تقدم عائدات المطار الحقيقية للحكومة الصومالية في ظل زيادة ملحوظة للمسافرين عبر المطار وفقًا لما أوردته الشركة.
وهناك تقارير تتحدث عن عمليات فساد وتلاعب وعدم شفافية في إيرادات مطار مقديشو الدولي والميناء، بل تصفهما بمصدري دخل فاسد، وحدد تقرير أممي في 2013 أسماء بعض أعضاء في الحكومة والبرلمان يتهمهم بالتورط فيما يحدث بالمطار.