أي تكريم لمعلم أو معلمة في العالم العربي هو تكريم للعلم ذاته ولأجيال المستقبل التي يبنيها هذا العلم لترتقي بمجتمعاتها وأوطانها. أيضا فإن الأخبار السارة من العالم العربي نادرة هذه الأيام، وبمجرد أن تسمع بالمعلمة الإماراتية شيخة النعيمي، وما فعلته وما استحقته من تكريم وتقدير رفيع المستوى من الشيخ محمد بن راشد، فإنك تسعد وتنفرج شفتاك عن ابتسامة رضا بعد طول كدر وعبوس من الأحداث والمصائب التي تجري حولنا. وكم أتمنى لو يتم تكثيف مثل هذه (الأخبار السعيدة) على وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون وصفحات الصحف.
نحن يقينا بحاجة ماسة إلى طاقات إيجابية تبث فينا الحياة وتشيع الأمل بأننا أفضل وسنكون أفضل في قابل الأيام والسنوات. لذلك لم أستغرب أن يكون التفاعل مع هذه المُعلمة، أو الأخصائية الاجتماعية كما ذكرت بعض الأخبار، على مستوى العالم العربي كله وليس فقط في دولة الإمارات ودول الخليج. كل عربي، في السنوات العشر الأخيرة، تقلب بين الألم والأمل نتيجة ما عصف بالمنطقة من أحداث ومتغيرات سلبية يقودها ويؤجج نيرانها محور الشر الإيراني الذي دمر أو ساعد في تدمير مكتسبات كثير من الدول العربية وعصف بمقدّرات وآمال وطموحات شعوبها.
أن تكون هناك معلمة عربية بهذه الروح وهذه النفس الحلوة المنفتحة والمحبة لطلبتها وطالباتها فإننا فعلا يجب أن نحتفل بها ونكرمها من المحيط إلى الخليج. مثل هذه المعلمة، بكلماتها المُشجِّعة وبساطتها العذبة الموحية والمؤثرة، تساوي ألفا أو مائة ألف من أولئك الخطباء والإعلاميين الذين لم تحقق خطبهم وأدبياتهم الثورية الرنانة خطوة تقدمية واحدة عبر كل العقود الماضية، بل إنها، أي تلك الخطب والأدبيات، عمقت التخلف والفرقة وضياع فرص الحياة والمستقبل على أبناء وبنات العرب.
إن ما أدعو إليه هنا، بمناسبة تكريم هذه المعلمة الإماراتية العربية، أن تُسلط مزيد من الأضواء على نماذج العطاء والتفاني، والإخلاص في العمل والإنتاج، في كل الدول العربية. شبعنا أخبارا عن المآسي والقتل والخراب الذي حل بمنطقتنا. وإذا كان ولا بد من نقل أخبار الدمار الباعثة على التشاؤم فلننقل في مقابلها أخبار العَمار والبناء الباعثة على التفاؤل مثل خبر شيخة النعيمي وشيخات أخريات.
ma_alosaimi@