في دهاليز السياسة ومتطلباتها، فمعروف أن المصالح بين الدول هي التي تحدد مسار أي علاقة بين أي دولة وأخرى. ولهذا تحرص الدول على تتبع أي تغيرات في المصالح أو تغير في الشأن الجيوسياسي. ولكن أحيانا تتجه بعض الدول إلى التخبط السياسي، أو محاولة القيام بأدوار ليست مؤهلة لها، أو لكسب شعبية عادة تكون مثل الفقاعة الهوائية لا تلبث أن تنفجر. وقد يكون أبرز مثال لدينا في المنطقة هي الحالة التركية. فهذه الدولة ومنذ زمن حاولت لعب أدوار كثيرة وسط تناقضات ليس لها علاقة بمسار المصالح الدبلوماسية أو البرتوكولات السياسية التي تكسب من خلالها الدول الاحترام في المحافل الدولية. فمنذ إعلان مسمى الجمهورية التركية قبل حوالي 100 عام وإلى يومنا هذا وتركيا معروفة بتقلباتها ومحاولتها لعب أدوار ليست مؤهلة لها، وتحاول تقمص شخصية لا تمت للواقع التركي الذي عرف عنه بالتخبط. ففي البداية اعتبر الأتراك أنفسهم بأنهم دولة غربية، وقامت بعمل كل شيء على مدى عقود طويلة لإرضاء الأطراف الأوروبية دون جدوى، رغم انضمام تركيا لحلف شمال الأطلسي واعترافها بدولة إسرائيل، ولكن دون نتيجة واضحة.
وقبل عدة عقود علم الأتراك بأن أوروبا لن تفتح لهم الأبواب التي كانت تسعى إليها وتكون جزءا من الاتحاد الأوروبي. وعندها التفت الأتراك إلى العالم العربي، الذي طالما تنكرت له ولكنها كانت فقط تسرق ثرواته مستغلة القلاقل المتكررة في دول مثل العراق وسوريا. فنهبت المصادر البترولية والموارد المائية لتنمي اقتصادها. ولكن تركيا لم تراعي المصالح المشتركة وتتعامل الند بالند، ولكنها سعت للسيطرة على كل المقدرات والأراضي في سوريا والعراق وليمتد الطموح إلى دول بعيدة عنها مثل ليبيا. وإضافة لذلك قامت باستعداء إحدى أهم الدول في العالم ومن أكثرها تأثيرا، وهي المملكة العربية السعودية. وقامت بواسطة من غررت بهم في محاولة للتأثير على الداخل. ولكن كانت المملكة عصية على أي تأثيرات تركية ليصطدم الواقع التركي بصلابة الأرض السعودية وقوة التلاحم بين الحاكم والمحكوم. وبدأت ملامح العداوة التركية للمملكة في أكثر من مناسبة وأكثر من موقف. واتضح للجميع بأن تركيا ليست عدوة فقط، بل دولة لديها ثأر وأطماع ضد بلادنا، وأصبحت مثل النار تحت الرماد. ولكن وفي نهاية المطاف، فتركيا دولة يحكمها ويتحكم بها حاليا زعيم لديه أحلام ومخططات يعتقد أننا لا نعلم عنها... ولهذا فقد فشل رجب طيب أردوغان حتى قبل أن يبدأ.