» تغيير تركيا
وبحسب المقال، يقول أستاذ مكافحة الإرهاب في جامعة جورج تاون، ورئيس أول مركز أبحاث لمكافحة الإرهاب باستخدام الأدلة الرقمية للبحث الجنائي، أحمد يايلا: فدور أردوغان المثير للجدل في دعم أحد أطراف الصراع الليبي إلى جانب المرتزقة السوريين وراء العناوين الرئيسية في نشرات الأخبار، وتشير ثلاثة حوادث حرجة حدثت مؤخرا إلى أن أردوغان يستعد للقيام بخطوة مهمة، ربما تصل إلى تحول سيغير تركيا إلى الأبد.
ويواصل: التطور الأول الذي أحدثه أردوغان -والأكثر غموضا في نفس الوقت بالنسبة لغير الأتراك- يتعلق بتمكين أردوغان التدريجي لإدارة المخابرات التابعة للشرطة الوطنية التركية (TNP)، ففي 17 يناير 2018 أصدرت رئاسة الجمهورية التركية مرسوما رئاسيا جديدا يرفع مكانة مديرية المخابرات التابعة للشرطة الوطنية التركية، هذا المكتب مسؤول عن تنفيذ عمليات استخباراتية ضد المنظمات الإرهابية.
ويضيف: يجب عدم الخلط بين مخابرات الشرطة (TNP) والمخابرات الوطنية التركية (MIT)، التي تشرف على كل من المخابرات المحلية والدولية ويقودها هاكان فيدان المقرب من أردوغان على المدى البعيد، ويشرح متابعا: المخابرات التابعة للشرطة التركية هي المسؤولة عن جميع أنواع الجرائم والقضايا ذات الصلة بإنفاذ القانون في جميع أنحاء تركيا باستثناء المناطق الريفية، التي تغطي أكثر من خمسة وثمانين في المائة من السكان و300 ألف موظف.
» العلم بالقصة
وشدد المعارض التركي أحمد يايلا، على أن الأتراك يعلمون القصة وراء كل هذا، فبعد عمليات مكافحة الفساد في ديسمبر 2013، التي نفذتها المخابرات ضد ابن أردوغان بلال أردوغان، ودائرته الداخلية، وأربعة من وزرائه، أدرك أردوغان أنه لا يثق بالشرطة، وجاء ذلك مباشرة بعد الإفلات من عمليات مكافحة الفساد، حيث بدأ أردوغان في إعادة هيكلة المخابرات وقام بشكل أساسي بإقالة واستبدال الضباط ورؤساء الشرطة العاملين في إدارات التحقيق الرئيسة، بما في ذلك الاستخبارات ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وكان ذلك بحلول نهاية 2014، علاوة على ذلك، أصبحت محاولة الانقلاب في 2016 ذريعة كبيرة لأردوغان لفتح النار على حوالي 35 ألفا من أفراد المخابرات، الذين اعتبرهم معارضة محتملة وتوظيف أكثر من 80 ألف ضابط جديد موالين له.
ويزيد يايلا: منذ 2014 أصبحت المخابرات مخلصة جدا لأردوغان، بل قام ضباط مخابرات أردوغان باكتشاف أن «داعش» سيقوم بتنفيذ هجوم انتحاري على مسيرة يسارية خارج محطة قطار أنقرة قبل ثمانية أيام من وقوع الهجوم في أكتوبر 2015 وكانوا بالفعل يتابعون أحد الجناة الرئيسين، ومع ذلك، فإن الهجمات لم يتم إيقافها وقتل الهجوم الانتحاري لـ«التنظيم» في أنقرة في 10 أكتوبر 2015 مائة وتسعة أشخاص وأصاب أكثر من 500.
» أوامر «العدالة»
ويستمر يايلا قائلا في مقاله: فيما بعد أصدر مركز الاستخبارات والأوضاع في الاتحاد الأوروبي (EUINTCEN) تقريرا يشير إلى أن التفجير الانتحاري ربما ارتكب بناء على أوامر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.
أدت إعادة هيكلة المخابرات التركية إلى تسييس كبير للوكالة التاريخية، مع التركيز على ما يسمى أعداء النظام، ووصلت الهستيريا إلى ذروتها في يوليو 2016 وأسفرت عن إجراء أكثر من 500 ألف تحقيق، بالإضافة إلى ما يقرب من 100 ألف حالة اعتقال.
بالنظر إلى تاريخ الديكتاتوريين المشابهين، يعرف أردوغان بكل تأكيد أن الشرطة الجديدة يمكنها أن تتصرف مثل مخابرات الديكتاتوريات الشهيرة، متجاهلة حكم القانون وحقوق الإنسان أكثر مما كانوا يفعلون خلال السنوات الخمس الماضية، بل ومن الممكن أن تتعاون مع المنظمات الإرهابية، وتمارس الخطف والتعذيب، وتقوم في ذات الوقت بمساعدة أردوغان من خلال توفير مخابرات مباشرة عن معارضته.
يمكن لشرطة أردوغان أن تلعب دورا مهما ببساطة؛ لأن لديهم فهما أفضل للسكان من خلال 300 ألف فرد، والآن لديها قسم استخبارات أكثر قوة.
» عباءة الملالي
وقد أشرت إلى هذا السيناريو عندما كنت أدلي بشهادتي كشاهد خبير في الكونغرس الأمريكي في 2016، التي خلصت إلى أن أردوغان سيضطر في النهاية إلى محاولة تأسيس الجمهورية التركية ترتدي عباءة الدين؛ للبقاء في السلطة.
أما التطور الثاني المهم، الذي قام به نظام أردوغان، فقد حدث خلال خطاب ألقاه في الثاني من يناير 2020، عندما قال أردوغان «لقد وصلنا إلى نقطة يمكننا فيها ضمان أمن مدننا والحفاظ على النظام داخل قوات الشرطة، وفي مواجهة هذا الوضع الجديد، نحتاج إلى تطوير أساليب جديدة»، وفي ذلك الوقت، لم يكن أحد يعرف معنى ما قاله أردوغان.
وكتب أحمد تاكان -مستشار الرئيس السابق عبدالله غول- عمودا يتساءل فيه عما إذا كان أردوغان يعني إنفاذ قانون مؤسسة «TURGEV» -خاصة بعائلة أردوغان- أو جيش صادات، فجيش صادات يعمل كقوة أمنية احتياطية لأردوغان، وهو يشارك بنشاط في تسليح وتدريب المنظمات الإرهابية السلفية الجهادية في سوريا وشمال أفريقيا، وفقا لمسؤول في البنتاغون.
قارن تاكان تركيا اليوم بألمانيا الهتلرية في 1936، وأشار أيضا إلى مقطع فيديو تم تسريبه من طلاب الشرطة يتعهدون فيه بالانتقام! هاتفين: «فليكن الثأر أبديا»، قائلا: هذا ثأر لأردوغان وليس لتركيا.