لم أر في حياتي برلمانا يُسيج بجدران عالية وأسلاك شائكة إلا في بعض الدول العربية، التي تشتهي أو تدعي (الديمقراطية) بينما هي تمارس قهر الناس ومنعهم من الوصول إلى أهدافهم. كيف يرضى برلمانيون أن يصلوا إلى مقر قاعة (الشعب) وهم يقمعون هذا الشعب في الخارج ويجبرونه على ما يريدونه هم لا ما يريده هو.؟! أي ديمقراطية أو (ملوخية) هذه التي طالما تأنقوا أمام الميكروفونات ورفعوا أصواتهم تبجحا بها واستعراضا لمنجزاتها. ليست الديمقراطية في مثل هذه الدول سوى لعبة يتقاذفها المتنفذون و(المستقوون) ليحققوا مزيدا من المغانم الفئوية والشخصية. ولذلك نحمد الله، نحن في المملكة ودول الخليج، أن ديمقراطية من هذا النوع لم تنخر عظام أوطاننا كما فعلت في دول أخرى؛ أطعمتها ديمقراطياتها المزعومة الشعارات الجوفاء، كما أطعمتها التعسف والظلم والفقر والنهب والفساد العارم.
لأنني عاقل، والعاقل من اتعظ بغيره، فإنني لا أريد ديمقراطية العرب، ولا ديمقراطية الفرس، في بلادي، فأنا راضٍ ومكتفٍ وفخور بما ينجزه وطني، وما تحققه قيادته كل يوم من تقدم، وما تبذله من عناية، فائقة وواضحة، بالناس وأحوالهم ومعيشتهم. لقد كان لنا، بدون شك، عبرة من هذه الأنظمة والبرلمانات التي تهاوت وتتهاوى، في مضمونها وأشكالها وشخوصها، أمام أعيننا كلما جد جديد أو ظهر استحقاق شعبي يختبر جديتها ومعدنها.
بل إنني أزعم أن بعض البرلمانات العربية، التي يُفترض، أن ترعى حقوق الناس وتحافظ على حيواتهم ومصائرهم، كانت هي من أسباب تطاحن وتقاتل وتمزق أهل البلد الواحد. وهذا عائد لكونها وُجدت على أسس إما طائفية أو حزبية أو مناطقية أو عشائرية ضيقة. ولست بحاجة لإعطاء أمثلة على ذلك. فقط أنظر حولك وتأمل في حال ومآل بعض الدول التي عادت إلى الخلف ملايين الأميال بعد أن حكمها أو تحكم بمكتسباتها ومصائر أهلها (برلمانات) لا تعرف من الديمقراطية سوى اسمها، ولا تعيرها انتباهها إلا بقدر ما تحقق، على أساس المحاصصة، فائدة هذه الطائفة أو هذه الجماعة أو تلك. يعني هي ديمقراطيات خائبة ومؤذية كفانا الله شرها.
ma_alosaimi@