ضمن الإصلاحات التي انتهجتها القيادة الرشيدة إنشاء هيئة الرقابة ومكافحة الفساد إيمانا منها بأن الخطوات النهضوية والتنموية للدولة، لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع ما لم يتم احتواء أساليب الفساد، سواء فيما يتعلق باستغلال الوظيفة لأعمال غير مشروعة أو إهدار المال العام، ومنذ إصدار الأمر الملكي الكريم القاضي بالموافقة على الترتيبات التنظيمية والهيكلية ذات العلاقة بمكافحة الفساد المالي والإداري، والهيئة تقوم بمهامها المنوطة بها حيال تلك المكافحة، وقد قامت مؤخرا بالتحقيق الإداري مع 475 موظفا أخلوا بواجبات الوظيفة العامة، وبالتحقيق الجنائي بسماع أقوال 1249 شخصا، حيث تم إيقاف 386 شخصا لتوجيه اتهامات بحقهم في قضايا فساد مالي وإداري، تمحورت في جرائم رشوة واختلاس وتبديد للمال العام.
وإزاء استغلال أولئك الأشخاص لنفوذهم الوظيفي وبالتحقيق معهم اعترفوا بجرائم الاختلاس والتبديد التي بلغ حجمها 170 مليون ريال، وقد أحيلوا إلى المحكمة المختصة لتنفيذ اختصاصاتها بمبدأ سيادة القانون وتطبيق ما نصت عليه الأنظمة ذات العلاقة بمكافحة الفساد، فالإخلال بالواجبات الوظيفية وتبديد المال العام جريمتان يعاقب عليهما القانون، بحكم أنهما لا يتفقان إطلاقا مع نهج الدولة الحكيم بتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين بكل مرونة وسهولة، وبإجراءات تتناغم مع الأنظمة التي تستهدف تحقيق المصالح العامة للوطن والمواطنين، كما رسمتها القيادة الرشيدة، أيدها الله.
ولا شك أن استغلال الوظيفة ومن يتمتع بنفوذها لتمرير مصالح خاصة تتنافى مع مصالح الوطن ومواطنيه، والإقدام على تبديد الأموال العامة من خلال ممارسة طرائق غير مشروعة وغير نظامية، لا شك أن ممارسة العملين تمثل جريمة في حق الوطن وحق مواطنيه، ولا بد من معاقبة أولئك الخارجين عن القانون عقابا رادعا يحول دون استمرارية استغلال الوظيفة لأغراض غير مشروعة، ويحول دون تبديد الأموال العامة، فالجريمتان تلحقان أفدح الأضرار بمصالح الوطن ومصالح مواطنيه، وتعرقل عمليات التنمية التي توليها القيادة الرشيدة جل عنايتها ورعايتها.
وبفضل الله ثم بفضل الخطوات السديدة المنتهجة في هذا الوطن المعطاء، فإن الدولة أيدها الله مازالت تضرب بيد من حديد على كل عابث ومارق، يحاول استغلال وظيفته لأغراض خاصة غير مشروعة أو يحاول تبديد الأموال العامة، وهي بذلك تنشد تقدم الوطن وتنميته على أسس قويمة وصائبة من جانب وتنشد تحقيق رخاء المواطن ورفاهيته وأمنه من جانب آخر، ولا شك أن صور الفساد المالي والإداري تمثل تحديا صارخا لكل العمليات النهضوية المنشودة، وممارستها بأي شكل من الأشكال فيه إضرار بمصالح الوطن وعرقلة للجهود المبذولة من أجل رفعته وتقدمه، وفي ممارستها إضرار بحقوق المواطنين والاىستهانة بها.
[email protected]