* ما زلت أذكر محاضرة عام (1980)، لوزير التخطيط (هشام ناظر) -رحمه الله- بجامعة الملك فيصل، كان يتحدث عن المستقبل وخطط التنمية الخمسية، فعلّق أحد الحضور بأن هناك من يدعي بأن التنمية ستؤثر في الإنسان السعودي سلبا، وستقوده إلى الهاوية والضياع.
* جاء رد معاليه حاسما واثقا بجودة الإنسان السعودي. قال: لدينا الأموال الضخمة، إن لم نستغلها ونوظفها لبناء الوطن، فسيأخذونها. لم يحدد من هم. لكن ما زلت أذكر تلك الكلمة جيدا. ثم تابع.. لا نستطيع الانتظار لعقود، لبناء الإنسان وتغييره وفقا لما يروجون. فقررنا البدء بالتنمية، مراهنين على أصالة المواطن، وقيمه الدينية والتاريخية والتراثية الأصيلة.
* هذه بلادي حيث الرهان دوما على إنسانها. صاحب ذاكرة التاريخ والمجد والحضارة. لم تتهدم معالمها بنفسه، حتى في ظل (الاستعمار العثماني) المقيت. الإنسان السعودي صاحب رسالة، يتجدد شموخا بمواقفه الوطنية والإنسانية. وهذه قيم مكارم أخلاقه، وثبات عقيدته الإسلامية، وإمكانياته، يوظفها لخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين عامة. الإنسان السعودي موقف إيجابي وإنساني، أجياله معطاءة قوية، متعطشة دوما للتغيير الذي يزيد من قوتها ويحقق طموحاتها.
* جعلتنا (العثمانية) البغيضة، نعيش حالة سكون ولقرون، في بيوت حجرية وطينية، في بيوت شعر وعشش، في مغارات وكهوف. عشنا في العراء نسامر نجوم بلادي، بأحلام لم يدركها، أتراك الظلم والقهر والتعذيب والخوازيق. اليوم وفي زمن قياسي، أصبحنا نعيش الحضارة بكل محتواها وإنجازاتها. نفاخر بها وبنفوسنا التي استوعبت، وتبنّت، وتعلّمت، ونافست، وحافظت على أصالتها، ومكارم أخلاق عروبتها المجيدة.
* في عمري وخلال الستة عقود التي مضت، تألق التعليم في بلدي، وقد حرمتنا منه (عثمانيتهم) الدموية الجاهلة، فأصبح أبناء وأحفاد من جعلتهم (العثمانية) لا يقرأون ولا يكتبون علماء، وأطباء، ومهندسين، وأساتذة علم وأجيال، ورجال أعمال وخبراء. وإداريين بارعين. لهم في كل مجال كلمة، وكل محفل بيرق، وكل نشاط منصة، وكل علم كرسي.
* التغيير عندنا حياة وحضارة، والسكون موت ونهاية. تحركنا في زمن الفاقة والجوع عملا وكفاحا ونشاطا، وتعلقنا بالحياة. ثم تحركنا في زمن الإمكانيات عملا وكفاحا ونشاطا، وتعلقنا بالحياة. التغيير حلم العظماء. أتقنّا كسعوديين الإبحار في أعماقه بسلامة وتفوق.
* البحث عن الحياة الأفضل لم يتوقف نشيدها في نفوسنا. نحن نعمل وغيرنا يتظاهر حتى داخل الحرم المكي الشريف، مدافعا عن الأقصى بهز الأجساد، وكأنهم في دبكة على أحد مسارحهم المريضة. الحقيقة أنهم في المسعى الطاهر، في جو مكيف، ونعمة أمن لم تتحقق لهم في بلدهم.
* إنكم (العثمانيون) في أقصى بعد عن قضيتنا فلسطين. جربتم عطرنا البارود.. ومواقفنا نحن النشامى.. نحن خدام وحماة الحرمين الشريفين.. وضيوفهما الكرام.. إنكم الغدر.. وأهل سفك الدم.. تاريخكم الهمجي يدينكم.. وفعلكم المشين في الحرم المكي.. يؤكد خبثكم المتوارث.. وحقدكم.. ولؤم ما تحملون.
@DrAlghamdiMH