لا أنسى يوم اتصلت به وقلت له: نحن مجموعة من الشعراء نحب أن نتعرف عليك ونزورك في المنزل ( وقتها كان يعمل بالأحساء مشرفا على مكتبها هناك ). رحب ثم تواعدنا.
ذهبت إليه برفقة صديقي الشاعر عادل الرمل الذي كنت أتقاسم معه حب الشعر منذ أن كنا على مقاعد الدراسة، وحينما كان الشعر خبزنا اليومي الذي امتزج بذكرياتنا عنه إلى الحد الذي كنا نتسابق على حفظ الأبيات الشعرية وإلقائها لاحقا. كان صديقي متوقد الذهن في الكتابة، ذكيا في حواراته وأفكاره، وكان رافدا حقيقيا لي في مشواري. بهذه الروح الوثابة والمتحفزة للاطلاع على الجديد في الثقافة الجديدة التي جاءت تحت مسمى الحداثة، والتي كان عبدالرؤوف أحد روادها الذين كتبوا وتبنوا توجهاتها، التقيناه في مجلسه، وهذا كان اللقاء الأول الذي تعرفت عليه عن قرب.
كانت تدور في ذهني أسئلة عديدة كنت قد حضرتها مسبقا حول الحداثة ورموزها في الساحة عن محمد العلي، محمد الثبيتي السريحي، عبدالله نور، وغيرهم من جيل السبعينات والثمانينات، خصوصا وأن أبا محمد كان قريبا منهم، والناقد الذي كان يتذوق القصيدة الحديثة، ويعرف الكثير عن منجزاتها عند هؤلاء. لكنه كان مهتما أكثر عن معرفتنا الشخصية، وكيف تسنى لنا الاهتمام بهذا التوجه خصوصا في الأحساء التي لم يكن الحراك حول معترك الحداثة قد أطل برأسه في ساحاتها؟ وحين علم أننا مجموعة من الشباب الشعراء ( الصديق الشاعر والمترجم عبدالوهاب أبو زيد، الصديق الشاعر جاسم الصحيح ) الذين كنا نبحث عن الجديد في عالم الشعر، ومتحمسين للاطلاع عليه، فتح لنا مكتبته، والتي كانت تضم العديد من المصادر المهمة، وأذكر أنني استعرت منه بعض كتب أدونيس، وبعض الكتب النقدية.
هذا اللقاء شكل لي انعطافة حقيقية على مستوى الثقافة، كان عبدالرؤوف ولا يزال إحدى الركائز التي أفتخر به كصديق، وأفتخر به أنه أصبح جزءا من حياتي الثقافية والإنسانية على العموم.
@MohammedAlHerz3