عندما أقرأ هذه التقارير ينتابني الفرح أولًا لما تحوي من إنجازات تعتبر إضافة للمنطقة ولها حاجة ماسة ولكن ما أن أتعمق فيها تنتابني الحيرة. على حجم ما ذكر ألا يفترض أن تكون واضحة للعيان؟ أليس الأساس أن أراها وأنا أتجول في المدينة؟ أين ما كتب مما هو أمامي؟ هل كاتب التقرير مفرط بالتفاؤل؟ أم أنه يعتقد أن لا أحد يقرأه؟ أم إن كان يقرأ فلن يسأل أحد عن ذلك الفرق الشاسع بين المكتوب والواقع؟
إن القطاع البلدي صعب. لن أنكر ذلك. ولكن يبدو أن إحدى الطرق الخاصة بالتعامل مع هذه الصعوبة تكمن في تضييع المعلومات في تقارير وتغريدات وخطابات لا تقول شيئا محددا. لعلي أطرح مثالا للتوضيح: في إنفوجرافيك لأمانة المنطقة الشرقية لإنجازاتها من عام ٢٠١٨-٢٠١٩ كتب «تحويل مدن حاضرة الدمام لتصبح صديقة لذوي الإعاقة». أليس هذا عنوانا رائعا يبشر بالخير؟ وأخيرا سوف تكون لدينا مدن تسمح لذوي الإعاقة بالتنقل ذاتيًا دون الحاجة للاستعانة بأحد لقصور في البيئة المبنية. أو على الأقل هذا ما ظننته.. في خيالي.
النص المكتوب بجانب العبارة السابقة يقول «البدء بمشروع لتحويل مدن حاضرة الدمام لتصبح صديقة لذوي الإعاقة قبل ٢٠٢٠...». وهنا يفقد العنوان بريقه. ماذا تعني هذه الجملة تحديدًا؟ ما نوع الصداقة التي سوف تتكون بين المدن وذوي الإعاقة؟ في عصرنا هذا نعلم أن الصداقة أصبحت سطحية لا تتعدى ضغطة زر في برامج التواصل الاجتماعي. هل هذا هو نوع الصداقة المقصود؟ أتنقل في مدن الحاضرة كثيرا وأزور الحدائق والأحياء وما زلت أحاول اكتشاف أين بدء هذا المشروع الذي لم تكتب له نهاية ولا تعرف ملامحه؟
هذا فقط مثال واحد من عدد كبير مشابه لأمانات المملكة. من مجملها لاحظت أن بعض الأمانات لا تهتم كثيرا بإظهار ما لديها وعندما تظهر يكون على هيئة معلومات لا يمكن للشخص العادي تتبعها أو ملاحظتها بوضوح. حكومتنا الرشيدة لم تجعل لأحد عذرا لعدم العمل لدعمها جميع القطاعات ويبقى على الجهات التنفيذية أن تقوم بدورها على أكمل وجه. كل ما أطلبه أن أرى تلك الإنجازات بأم عيني فهل طلبت شيئا؟
sssolaiman@