تُعدّ سمات التنوع الحضاري في جميع مقوماته، من المؤشرات على الدور المهم الذي لعبته أرض المملكة، على امتداد العصور، باعتبارها منطقة تقاطع الطرق التجارية القديمة، إلى جانب الأثر الذي تركته الحضارات إلى الوقت الحاضر، إضافة إلى أن أرض المملكة تشرّفت باحتضان الحرمين الشريفين، ومنطلق الرسالة المحمدية التي غيّرت مسار العالم أجمع.
» تاريخ عريق
ويجمع تاريخ هذه الأرض، الممتد في الجذور الحضارية، ملامح الفترات منذ العصر الحجري القديم -مليون سنة قبل الميلاد-، إلى العصور السابقة للإسلام، وحضارات الممالك العربية المبكرة، والوسيطة، والمتأخرة، مرورًا بالفترات الإسلامية، وحتى نشأة الدولة السعودية الأولى، والثانية، إلى مرحلة تأسيس المملكة العربية السعودية، على يد الملك عبدالعزيز «يرحمه الله».
» تقدم صناعي
وبحسب عالم الآثار البروفيسور عبدالعزيز الغزي، فإن المملكة غنية بالآثار، وبالعودة إلى الماضي، فإن إنسانها هو الذي أوجد الصناعات الحجرية قبل سبعة آلاف عام، ومن الدلائل ما يوجد في «قرية الفاو»، والتي لا تنتجها إلا حضارة متقدمة، واكتشاف أسلحة وأدوات زينة من ذهب وأحجار كريمة في «عين جاوان» وغيرها، ومعثورات من «تيماء»، صنعت قبل 2500 عام، وتوضح جميعها أن الصانع متحضر في أمة متحضرة.
» دراسة شاملة
وأضاف: «في هذا العهد الزاهر المُشبع بالاهتمام بالثقافة والتراث، نحن بحاجة لمخاطبة المتخصص والمثقف، من خلال تأليف ونشر كتب وكتيبات، وفق مفاهيم وتطور نوعي ودراسة شاملة؛ لتكون رافدًا في دعم ثقافة السياحة الآثارية، وتوضيح دور بلادنا في الحضارات القديمة، فهو جانب له أهميته، التي تؤكد أيضًا أن الجزيرة العربية لم تكن على هامش الأحداث، بل تدل الآثار التي وُجدت، أنها كانت قلب العالم القديم».
» توثيق تاريخي
وقال د. الغزي: نتمنى أن نقرن الماضي بتاريخ العصور اللاحقة له، وأن نستفيد من «الأثر العيني» لكي نوثق شيئًا، من المحتمل أن يندثر، فالمصداقية التاريخية تتوافر في كثير من الأحيان في الأثر المادي القائم، أكثر من توافرها في كثير من الروايات التاريخية المتناقلة عن المعلم، ذلك لأن الآثار العينية تُعدّ من أوثق مصادر استقراء التاريخ بمختلف جوانبه.