وبما أن البيئة بسيطة والأحاديث العابرة سريعة الانتشار مضت الأيام والسنون الطوال ولا يزال وهم وحش البحيرة يعيش في ذاكرة الأطفال فيتوارثونه وكأنه حقيقة. كَبُر الأطفال وبسبب بساطة المحيط وأدواته العلمية والمعرفية لم يتجرأ أحد على استكشاف حقيقة ذلك الوحش. هُجرت البحيرة الجميلة وأصبحت مع مرور الوقت بقعة يشار لها بالبنان عند حدوث أي مصيبة فأتلفت خيراتها ومُحيَ جمالها.
ما يستفاد من هذه القصة، أن الأُم استغلت قداسة توجيهاتها لأبنائها بطريقة ترهيبية عن طريق العاطفة دون قصد منها. وذلك لمصلحتها في تقليص الواجبات المنزلية، ولمصلحة أطفالها أيضاً. ولكن رؤيتها في معالجة مشكلة اللعب في البحيرة كانت قاصرة. فهي بجهل منها قد جعلت أطفالها يعيشون وهم وحش البحيرة حتى أصبح جزءا من حكاياتهم. ومع مرور السنين لم يستمتع الأبناء بتلك البحيرة وخيراتها.
العبرة هي في أهمية كيف ومتى وأين يُخاطب المنطق، فالأم تستطيع وبكل سهولة أن تخاطب الأطفال بطريقة منطقية تربوية لتساعدهم على جدولة اللعب في البحيرة وكيفية مساعدة والدتهم في التنظيف. فمخاطبة المنطق ستجعل العقل يستخدم وظائفه التي رزقه الله تعالى بها، فالتفكر والتدبر والتأمل والتبصر تساعد على الإنتاج والإبداع. لذلك، علينا أن نستخدم العقل في التأثير لأن وظائفه كفيلة بأن تنتج حلولاً وابتكارات تساعدنا على التطور وتهيئة المحيط ليتكيف الإنسان فيه ويعبد الله حق عبادته بالعقل ووظائفه.
@FofKEDL