والمتتبع للأخبار والأرقام الرسمية الموثوقة يجد أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمين -حفظهما الله- كانت لها قرارات حازمة للوقوف ضد انتشاره منذ اللحظات الأولى لظهوره في الصين ودول أخرى. وقد أجادت السعودية في استخدام الإمكانات النوعية والتقنية، والاهتمام بفعالية الجهود المبذولة وبمهنية عالية في التعامل مع مثل هذه الأزمات، وذلك من خلال حزمة من القرارات الفعالة تحت شعار (الاتزان والحزم).
ولا ريب أن وزارة الصحة قامت بإجراءات فعلية واحترازية وتوعوية مهمة، وكذلك باقي الوزارات والقطاعات وقد ظهر جليلا التعاون المثمر فيما بينهم للسيطرة على هذا الفيروس والحيلولة دون انتشاره. من أمثلة ذلك تعليق العمرة للمواطنين والمقيمين مؤقتاً، وتعليق الدراسة، وغيرها من الإجراءات الاحترازية والضرورية، فالوقاية خير من العلاج. وكل الإجراءات تصب في المصلحة العامة للمجتمع والوطن.
ومن الأدوار المهمة، التي لا بد أن يقوم بها المواطن والمقيم أن يبلغ ويفصح عن زيارته للدول الخارجية (وإن لم تظهر عليه الأعراض) عند الدخول إلى أراضي المملكة، خصوصا الدول التي فرضت السعودية تعليق الزيارة لها مؤقتا أو حظرت السفر إليها أصلا؛ لأن القضية هي صحة الوطن، وهو واجب ديني ووطني وإنساني. ومصلحة الجميع تتفوق على مصلحة الفرد. وكلنا رأينا كيف أن التساهل أو الإهمال أو الجهل من البعض قد أدى إلى انتشاره بشكل سريع في بعض الدول. ومن المهم جدا أن الذي تظهر عليه الأعراض لا بد أن يأخذ المسألة على محمل الجد، ويبادر مباشرة بالإبلاغ عبر القنوات الرسمية للقيام بالفحوصات الطبية اللازمة.
ولعل الجانب الإيجابي لهذه الأزمة هو اهتمام الناس بالصحة بوجه عام، والمحافظة على النظافة الشخصية وعلى نظافة الأماكن العامة والخاصة. وفي مثل هذه الأزمات المسؤولية تقع على الجميع بالوقاية والتوعية، واتباع الإجراءات اللازمة الرسمية؛ لأننا الآن جسد واحد في سفينة الوطن، ولا بد أن نهتم لكل جزء منها (السفينة) حتى لا يتفشى أو ينتشر إلى باقي المجتمع (الجسد) لا قدر الله.
والوقفة الأخرى أن المتأمل لانتشار الفيروس يظهر ضعف الإنسان حتى مع التقدم العلمي والتقني المذهل، الذي وصل إليه. وهذا يذكرنا بقوله سبحانه وتعالى: «هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ».
وبعد أن نأخذ بالأسباب، فكل ما يحدث في الكون هو بقضاء الله وقدره، وصدق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين قال عن الوباء، الذي حدث في زمنه: «نعم، نفر من قدر اللَّه إلى قدر اللَّه» يقصد العمل بالأسباب. ونحن نعلم يقينا أن كل ما يحدث هو بحكمة من الله قد نعلمها الآن أو قد تتجلى بعد حين، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
وإلى أولئك، الذين يحملون بعضا من الهموم والوجل حين يسمعون أو يعيشون تلك الأزمات، خصوصا الآباء والأمهات خوفا على أبنائهم وأهليهم، فإننا نتصبر بالحديث النبوي: «ما يصيب المسلم من نصب (التعب)، ولا وصب (المرض) ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه».
ومع كل ما حدث ويحدث بسبب هذه الأزمة العالمية، فهناك جانب يؤكد تحقيق مبدأ (اعقلها وتوكل) بدون هلع ولا تواكل.
abdullaghannam@