salemalyami@
سألني مذيع نابه، ومميز في غمار الحديث عن مرور عشرة أعوام تقريبا على انطلاق الثورة السورية، السؤال لم يك محددا، عن الحالة السورية، وفي نفس الوقت يغوص في أعماق الأزمة ويجول في ثنايا عشر سنوات مرت صعبة، وقاسية على سوريا والسوريين وعلى المنطقة. عشر سنوات أكلت الأخضر ولم تترك اليابس للناس بل جاءت عليه وأفنته برمته، إن كان بقي شيء جميل هناك فهو الإنسان. نعم الإنسان الذي يشكل الرقم الصعب، والوحيد القادر على النهوض من رماد الحرب، وركام المعارك، ليعيد الأمل والأمان إلى سوريا الحلم. السؤال كان مباشرا، وفي نفس الوقت كان عاما شاملا للحالة السورية كحالة دراسية أكثر منها حالة للنقاش واستجلاء العبرة والدروس. قال - بعد أن عدد أشكال الوضع والمراحل التي مرت بها البلاد والمنطقة والعالم، وبعد تهجير الملايين، وقتل المئات وتفكك الحالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية- ماذا بقي من سوريا؟. الإجابة بطبيعة الحال ليست بالسهولة مثل السؤال، وحري بمن يتصدى للجواب الناجع الناجز تلمس كل أدوات الحالة الراهنة في سوريا منذ أن انطلقت قبل عشرة أعوام على وجه التقريب. سوريا واستعادة الحالة فيها كدولة ونظام اجتماعي وسياسي بحاجة ملحة لشكل جديد من أشكال «العقد الاجتماعي» قادر على تخليق نظام ديمقراطي مقبول نسبيا يوفر للجميع شكلا من أشكال التداول السلمي للسلطة، على أن يتضمن موازنة دقيقة لـ«حل عادل» لقضايا الناس، بمعنى قضايا وهموم الأقليات. بالإضافة إلى تبني منظومة حقوق مدنية حديثة، مع ضرورة إطلاق ديناميات التنمية بشتى صورها وفي طليعتها التنمية الاقتصادية، والسياسية. هذه الوصفة الاستعجالية طرحت نفسها كضمان لأي قواعد يمكن طرحها للانطلاق منها إلى شبكة حلول وخيارات متعددة يقول فيها، وحولها السوريون، كل السوريين كلمتهم.
عشر سنوات مرت ثقيلة، وكئيبة، وقاتلة مرت على السوريين وعلى الناس في المنطقة صعبة وتجرعها الجميع بأمل أن تفضي إلى حالة من الانفراج التي قد تبشر بالحل، أو بأي نوع من الحل الذي يمكن أن يمثل للناس في ثناياه أدنى حدود الأمان والسلامة والخروج بشكل واضح من الأزمة. إلا أنه وإلى هذه الساعة تقريبا يتضح وبألم أن الحل الممكن، السياسي الذي يتحدث الجميع عنه لا يلوح في الأفق، بل ربما كان اليوم أبعد من أي وقت مضى لأن هناك مسارات، وقوى تنشب أظفارها في الجسد السوري وتتكسب على جراح السوريين، ومن ذلك أطراف سورية للأسف. ويمكن القول اليوم والمرء يحاول أن يقف على مسافة متساوية من أطراف الصراع الداخلية والإقليمية والدولية أن المشكلات السورية تزداد حدة، وأن الانقسامات الرأسية والأفقية في المجتمع السوري تزداد حدة. في الوقت الذي تتبادل فيه الأطراف، كل الأطراف ذات الشأن التهم في أن كل طرف يعمق الخلاف الجماعي في بنية الأزمة ويعرقل جل أشكال الحلول، إلى درجة يمكن معها القول أن عملية تبادل التهم أصبحت لعبة سورية خالصة. في سوريا اليوم كل المسارات منقسمة، السياسية، والاجتماعية والاقتصادية، والإنسانية. ويمكن القول بوضوح أنه ليس هناك جهد ملموس لمصلحة وطنية عليا. وهذه الخاصية تم تلمسها منذ أن انطلقت الثورة السورية قبل عقد من الزمان أي منذ العام 2010م عندما بطش النظام بالجميع، مما أفقده الشرعية السياسية للحكم. النظام ومع شديد الأسف وضع نفسه ومنذ اللحظات الأولى للثورة في شكلها السلمي والاحتجاجي ضد، وفي مواجهة الكل. ولم يترك ممرا للحوار، واللقاء، والتفاهم. حتى خرجت المسألة السورية من سكتها الداخلية، وأصبحت جل معطيات الأزمة وافدة من الخارج. وربما يتذكر المختصون أن الثورة السلمية في سوريا عسكرت خلال أقل من عام بفعل النظام، والأطراف التي نبتت في الداخل، والتي لم تجد سوى الجيش الذي ضرب بيد من حديد. سوريا وما يحدث فيها نموذج خصب لقراءة واعية بخصوصية المكان والزمان وشخوص الداخل والخارج، بأمل تناوله في قابل الأيام.
salemalyami@
salemalyami@