مازالت إثيوبيا تتلاعب بقضية سد النهضة ضد مصر، وبعد مرور خمس سنوات وجولات من المفاوضات تظل إثيوبيا تتلاعب بهذه القضية التي تعتبر مسألة أمن قومي لمصر والسودان وقضية حياة لهما، لكن إثيوبيا تقف خلفها دول معادية لمصر وتستخدم هذا الملف لممارسة ضغوط على مصر لتقديم تنازلات في ملفات أخرى، وهذا كان واضحا منذ اليوم الأول للتعنت الإثيوبي ضد مصر، لأنه ليس من المعقول أن تظل إثيوبيا تتفاوض مع مصر خمس سنوات وفي النهاية ترفض التوقيع على صيغة الاتفاق النهائي، وهي التي رحبت بوجود الولايات المتحدة والبنك الدولي وسطاء وفي النهاية ترفض هذه الوساطة، وتعلن أنها سوف تملأ السد وأنها سوف تدافع عن السد ويظهر وزير الدفاع الإثيوبي في زيارة إلى السد، وبعد ذلك تعرض إثيوبيا على مصر التفاوض من جديد وهذا قمة العبثية والهزلية من إثيوبيا في تعاملها مع قضية في غاية الأهمية بهذا التلاعب، لكن ربما هذا ناتج عن تحكم دول في ملف سد النهضة وهي التي تقف خلف هذا الرفض الإثيوبي غير المبرر لحل أزمة سد النهضة.
مصر استنفذت كافة الحلول مع الطرف الإثيوبي ولم تعد تعرف ما هو الحل أمام التصرف الإثيوبي الذي هو إعلان حرب، لأن زيارة وزير الدفاع الإثيوبي إلى السد وإطلاق تصريحات من أمام السد هو بمثابة إعلان حرب، وهذا يعتبر أيضا تطاولًا ضد مصر والتي لم تعادِ الطرف الإثيوبي ولم تتعامل معه بهذا المنطق الغريب والعجيب، وتعاملت مصر مع ملف سد النهضة بكل وضوح وشفافية واستخدمت الطرق الدبلوماسية والفنية ورغم رفض الطرف الإثيوبي الاتفاق الذي وقعت عليه مصر بالأحرف الأولى في الولايات المتحدة تظل مصر متمسكة بالحلول الدبلوماسية، وهذا وضح من خلال جولة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى عدد من الدول الخليجية والأوروبية لعرض تطورات الأزمة وإطلاع العالم على حقيقة تعامل مصر مع هذا الملف الحساس جدا والحيوي لمصر.
السودان طرف في قضية سد النهضة، لكن السودان تطمح إلى لعب دور الوساطة وتقريب وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا، وبصراحة غير واضح كيف سوف تنجح السودان في ذلك وهي طرف في القضية، وأيضا إثيوبيا تريد مفاوضات من جديد على هواها وتريد أن تقرر ما تريده لمصلحتها وليس لمصلحة الجميع، لكن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو لمصر كانت الغرض منها بحث أزمة ملف سد النهضة وإعلان دقلو قيام السودان بدور الوساطة.
ملف سد النهضة سوف تتدخل فيه أطراف عديدة في الأيام القادمة خاصة بعد جولات وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى عدد من الدول، وأعتقد أن دول الخليج سوف يكون لها الكلمة الفصل في هذه الأزمة، وهي قادرة على إقناع الطرف الإثيوبي بالحل وربما تنجح دول الخليج فيما فشلت فيه الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن أزمة سد النهضة يرضي كافة أطراف الأزمة.
alharby0111@