فتصوروا لو أن مئات الأطفال قلدوا التافهين الذين ظهروا في هذه المقاطع ممن يشربون سوائل التنظيف والمطهرات!! فكم من أسرة ستعاني وكم من مستشفى سيشغل وكم مركز شرطة وكم وكم! ساعات ستضيع في إغلاق هذه القضايا.
وبدلا من تركيز الجهات الحكومية في معالجة أزمة كورونا وغيرها من أعمالها الهامة، ستجد أنها ستتفرغ لمتابعة قضايا أقل ما يقال عن مرتكبيها بأنهم تافهون لكنهم في زمن التواصل الاجتماعي أصبحوا للأسف مؤثرين على جمهور واسع، وتركهم بلا رقيب أو محاسبة قد يسبب شرخا في المجتمع ناهيك عن خسائر كبيرة جراء تقليدهم من قبل ضعفاء العقول.
ومثلهم في رأيي من ابتليت بهم بعض المدن من الشخصيات التي همها الظهور وإبراز الذات، فهم يعلقون على كل خبر ويسرقون تغريدات الجهات الحكومية والشركات ومذكراتهم الداخلية ويعيدونها في حساباتهم ويتحدثون في كل شيء، إن أردتهم أطباء فهم كذلك، وإن أردتهم مهندسين فلا مشكلة، وإن أردتهم مصلحين اجتماعيين ستجدهم كذلك .. هذه الفئة أشغلت عالمنا بآرائهم وأشغلوا المشغولين عن أعمالهم، وفهموا أدوار المواطنة بشكل مختلف جدا، وأصبحوا مصدر إزعاج لكثير من الجهات ولا يكتفون بإيصال آرائهم عبر وسائل التواصل مع هذه الجهات، بل تعدوا للوقوف أمام مكاتب المسؤولين للحصول على مقابلات شخصية أو الاتصال بهم بالهاتف، واقتطاع الوقت الطويل من وقت العمل وبعضهم يتلقف هاتف المسؤول ويمطره عبر الواتس أب بالملاحظات والشكاوى والاقتراحات التي لا تنتهي، رغم وجود قنوات رسمية لكثير من هذه الجهات لإيصال الرسائل والمقترحات والشكاوى، لكنها برأيهم لا تحقق رضاهم النفسي في التحدث للمسؤولين مباشرة.
ولعلنا نحتاج جميعا إلى تنمية الوعي الاجتماعي للتخلص من هذه التصرفات ووضعها في حجمها الصحيح.
dhfeeri@