هذه الأيام يتصدر الخوف قائمة المشاعر لدى الكثيرين.. الخوف من المرض.. الخوف من فقدان غالٍ.. الخوف
من فقدان الوظيفة والكسب المادي.. الخوف من الفشل في الدراسة. مع تغير كل الموازين أصبح الكثيرون يخافون من المستقبل. كل مشاعر الخوف هذه ترتبط بفقدان شيء ما وهو شعور قوي ومؤثر.
وإن كان تأثير الخوف قويا، علينا أن نعي تماما أنه يؤثر على القرارات التي نتخذها ويجعلها غير منطقية.
فتحت وطأة الخوف نرى الواقع بصورة ليست حقيقية. قد نضخم ونعظم أجزاء ونتغاضى عن أجزاء فيكون فهمنا للمشكلة والقرار قاصرا.
لا بد أن نعلم أن واقعنا يختلف أمام أعيننا لدرجة تؤثر سلبا على قدرتنا على اتخاذ القرارات السليمة. إن الاقتصاديين يعلمون أن النفور من الخسارة (loss aversion) هو دافع قوي لاتخاذ القرارات. فَلَو خُيِّر الإنسان بين أن يكسب ١٠٠ ريال مقابل الخوف من أن يفقد ١٠٠ ريال والمحافظة عليها فإن الخوف من الفقد يكون أقوى. يعتقد أن التأثير النفسي للفقد أقوى بمرتين من المتعة
في الكسب وهذا دافع قوي جدا.
نرى هذه المعلومة تطبق كثيرا في التسويق عندما يوهم المشتري أنه سوف يفوت فرصة أو يفقدها لو لم يشتر (آخر
حبة). لذلك نجد في كل خزانة ملابس تحوي قطعا اشتريتها في فترة تخفيضات ولم تستخدم بعد وإن مر عليها زمن طويل. فالخوف من أن تفوت الفرصة كان الدافع خلف شرائها ولم يكن الخوف حقيقيا.
إن الكثيرين يفوتون الفرص خوفًا من ترك وضع مريح وفقدان مزاياه وإن كانت الفرص تجلب المكاسب. والبعض يبقى
في علاقات سامة خوفًا من الوحدة. عند اتخاذ قراراتنا لا بد أن نستجوب أنفسنا لنعرف ما الدافع خلفها.. كذلك عندما لا نتخذ قرارات خوفا من النتائج. هل نتخذ أو نتفادى هذا القرار خوفا من شيء ما؟ إن كان كذلك فما الذي نخشاه؟ علينا أن نتأكد أننا بالفعل نعي كامل الصورة ونفهم تبعات القرار قبل اتخاذه.
قد تبدو معرفة تأثير الخوف على قراراتنا أكثر أهمية في هذه الفترة التي ينتشر فيها الخوف والقلق. لذا علينا ألا نسمح للخوف بأن يكون العنصر المحدد للقرار. لا بد أن نعلم أن لكل قرار مكاسب وخسائر حسب منظورنا والعدسة التي نستخدمها لفهم الأمر. يطمئننا الله تعالى في قوله «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون» (التوبة ٥١) فلننظر لأمور حياتنا دون خوف غير مبرر ونتخذ القرارات الأنسب.
sssolaiman@