ما أن قرع فيروس كورونا الخطر حولنا إلا وحزمة من الإجراءات والقيود بدأت وأصبح الوضع في غاية الجدية وحتى وإن كان على مستوى السابقات، فلأول مرة في تاريخ المملكة يفرض منع جزئي للتجول وقبلها إغلاق المدارس وتعليق الطيران وإقفال الحدود وحجر المناطق، ميزانيات ضخمة رصدت لتثقيف الناس إعلاميا وحزمة محفزات اقتصادية ضخمة للقطاع الخاص، كلها توضح حجم الحقيقة التي تنتهجها الدولة بشكل جدي لمواجهة هذا الوباء، ولله الحمد وجد ذلك الكثير من التجاوب حين جاء ذلك على لسان متحدث وزارة الصحة في مؤتمره اليومي، إلا أنه وللأسف ما زال بعض الجهلاء والسفهاء يستخفون بالمشهد محاولين استغلال ذلك في نشر سخافات وتنظير بائس لحدث كبير أودى بحياة مواطنين بعشرات الآلاف بدول أخرى لأنهم لم يأخذوه على محمل الجدية. تتوارد كثير من المقاطع لأشخاص تافهين في كل شيء لتوجيه الناس والمجتمع عما يمكن فعله أو تركه أو معلومة طبية تخصصية لا يعرف نقلها فضلا عن توضيحها، كثير من التافهين للأسف يحظون بمتابعات كثيرة وشرائح واسعة، ولكن هذا لا يعني تصدرهم للمشهد وخاصة بسخافاتهم، فشخصيا لا يهمني كثرة إعلاناتهم أو متابعيهم لأحكم على جودتهم فأنا ممن يؤمن بالحكم على العقول قبل المظاهر، فلو غيرت كل التقنيات والمعدات لن تنجح في مهمة ما إلا إذا غيرت العقول، فمثلا الفرق بين سائق الفيراري وسائق الوانيت ليس لأنه غالبا يلبس ساعة فاخرة أو حذاء باهظ الثمن ولكن لأن عقله يملك مهارة مختلفة عن الآخر، فالعقل هنا كان محط الاختلاف وهنا أتكلم عن اختلاف وليس تفضيل، كذلك بلهاء الشهرة حتى في هذا الوباء لا يتوقفون عن سطحيتهم والتي أودت ببعضهم إلى التحقيق والعقوبة نظير استخفاف بنظام أو كسر لمحظور، وحتى أكون منصفا لا أشمل الجميع فهناك ممن يقدمون محتوى رائعا لائقا وراقيا ينم عن قيم عالية وعقلية متميزة إلا أنهم للأسف قليلون أمام طوفان السخافات وأصحابه، وختاما فإن الوسيلة المتاحة للجميع في الظهور على الملأ وطرح ما يشاء صاحبها دون حسيب ولا رقيب في وقتها هي سلاح ذو حدين إما أن يعريك أمامهم ويكشف ضيق أفقك ومدى فراغك إن سلمت من ممنوع، أو أن يرفع من رقمك في المجتمع وفي آراء من شاهدك فحكم عليك فاختر ما تشاء، حمانا الله وإياكم والمسلمين والعالم أجمع من كل مكروه. وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا (النوايا الطيبة لا تخسر أبدا).. في أمان الله.
@Majid_ALSuhaimi