نحن شعب نحب الخير ونحب التطوع. وأعتقد أننا سبقنا كثيراً من الدول العربية والإسلامية في بناء ثقافة التطوع على أسس حديثة، وما زلنا نطور هذه الثقافة المجتمعية المهمة. مؤخراً، ومع جائحة كورونا، تطوع سعوديون كثيرون، من مختلف الفئات والوظائف، ليقدموا مساعداتهم ومسانداتهم لمن يحتاجها في هذه الظروف الصعبة. وتسابقنا فعلاً إلى أكثر من فعل تطوعي ممتاز ترك أثره على البلد والناس في أكثر من مجال. لكن التطوع الأفضل والأمثل، أيها السيدات والسادة، هو أن نبقى في منازلنا لنمنع مد هذه الجائحة وإصاباتها وفواجعها من مرضى وموتى.
هذا هو التطوع الأكبر في هذه الأيام. وهو، كما تلاحظون، ما تنادي به وزارة الصحة في كل مؤتمراتها الصحفية ورسائلها التوعوية الرائعة والمتوالية. أنت إذا بقيت في منزلك وامتنعت عن التجمعات لأي سبب من الأسباب تكون قد أهديت مجتمعك ووطنك أعظم عمل تطوعي، وتكون قد أسديت للجهاز الصحي معروفاً هائلاً بتجنب الضغط عليه وتحميله أكثر مما يحتمل. ولذلك عليك أن تتأمل قليلاً في عظم هذا الفعل التطوعي وبساطته في آن، حيث لا يُطلب منك سوى أن تجلس في بيتك آمناً مطمئناً هانئاً في حياتك، لا تخرج منه إلا لضرورات قصوى من طعام أو دواء.
هناك من المتطوعين، ونحن نعرفهم، من يبذلون أوقاتاً وجهوداً باهظة في أعمال تطوعهم ابتغاء رضا الله وراحة أنفسهم وضمائرهم. ومنهم من يُسافر في أصقاع الدنيا ممارساً هذا التطوع بين جوعى أو مرضى ويعرض نفسه للمهالك. وعليك إذن أن تقارن نفسك بهؤلاء حين يكون مطلوباً منك فقط أن تتطوع بالبقاء في منزلك إلى حين يتم التغلب على هذه الجائحة بإذن الله ويؤذن لك بالخروج وممارسة حياتك بشكل طبيعي.
أعلم أن القانون هو من يُجبر الناس أحياناً على فعل ما لا يحبون، لكن، مع القانون، فإن التطوع يمنحك راحة النفس والضمير؛ حين لا تضر نفسك ولا تضر غيرك وتتبع التعليمات والإرشادات والمناشدات.
@ma_alosaimi