رؤية تربوية للوطنية

علاقة الوطن بالمواطن يفترض أن تكون مباشرة لا يتخللها شروط لعزل روح الانتماء الوطني بين الطرفين. ولكن بسبب بعض جهلاء الماضي، قد تسبب البعض منهم في إحداث غشاء فاصل بين الوطن والمواطن أدى إلى غياب القيمة الوطنية عند البعض. وكان لهذا الغشاء دور فعال في تشويش مفهوم الرؤية الوطنية ودور المواطن تجاه وطنه. جدار الغشاء الظاهر يتمثل في توافر الخيرات والأمن والأمان والرخاء وغيرها، في حين أن الجدار الباطن كان يتمثل في تلك المفاهيم والأنظمة المغلوطة ببعض العادات والتقاليد الاجتماعية التي شوشت الرؤية الوطنية بسبب التصادمات الفكرية والعاطفية عند البعض.
وبفضل من الله تعالى، تقدم الزمن بأدواته واستطعنا أن نعرف قيمة وأهمية الوطن. فالنهضة الحالية في المجالات المتعددة ساعدت كثيرا على إزالة الغشاء العازل بمكوناته عن طريق التوعية الوطنية. وزارة التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية ووزارة الثقافة وغيرها من المجالات كان لهم الدور الفعال في رسم ملامح الوطن والمواطن بشكل يتناسب مع هذا التطور الذي يشهده العالم. ولكي نساعد في امتداد هذه الرؤية الوطنية للمواطن الطفل، أتمنى أن نضيف محتويات تساعد الطفل على فهم ماهية وقيمة الوطن. أولا، يحتاج الطفل أن يفهم المعنى الحقيقي للوطن وذلك بشرح أسباب وجوده على هذه الأرض وكيفية استخدام المعطيات المتوفرة ليسخرها لذاته وأرضه. وكذلك الواجب عليه تجاه البقعة التي يعيش فيها، والفرق بين الإعمار والدمار. ثانيا، معنى الانتماء الوطني وذلك عن طريق شرح العلاقة المتبادلة بين المواطن والوطن في الأخذ والعطاء. وكذلك الأخلاق الحميدة الناتجة من هذا الانتماء كالولاء والوفاء وحب الوطن. ثالثا، كيفية نشأة الأوطان والأساسيات التي ارتكز عليها الإنسان للحفاظ على وطنه مع ذكر بعض القصص التاريخية التي توضح حجم التضحيات التي قام بها أبطال التاريخ لتأسيس أوطانهم. رابعا، المقارنات التاريخية التي توضح تأثير البيئة الجغرافية وكائناتها على سلوك الإنسان والأدوات التي استخدمها قديما للحفاظ على سلالته ووطنه. خامسا، إظهار الأخلاق الإنسانية والأنظمة التي تساعد المواطن ليكون معطاء لوطنه ومدافعا عنه، بشكل يتناسب مع عقلية الطفل بشكل دقيق. وفي مملكتنا الكثير من الأمثلة التي جعلتها محط أنظار الدول الكبرى. وهناك الكثير من النقاط التي لا يسعني أن أذكرها في هذه السطور، ولكن أن تكون مواطنا شريفا يهتم لقيمة الوطن هذا بحد ذاته مسؤولية عظيمة بالنسبة لك. فالوطنية لا تقتصر على تراث أو ثقافات اجتماعية وإقليمية أو احتفالات سنوية، بل إنها أعمق بكثير من مجرد كلمات مكتوبة في الاعتزاز بالوطن يقرؤها الطفل في كتب الوطنية. يجب أن نعلم أطفالنا أن الوطنية فعل مبني على روح الانتماء لهذه الأرض المباركة.
@FofKEDL