وتقول وكيل: بالنسبة لإيران فإن المقارنة بالحرب تساعد على تفسير اللغز الإيديولوجي والسياسي الذي يحدّ من الاستجابة الفعّالة لتفشي وباء كورونا، وأشارت إلى أنه بينما يضع الوباء ضغطًا غير مسبوق على اقتصاد إيران الهش بالفعل، إلا أنه يكشف أيضًا عن الشقوق السياسية بالداخل وسط التوترات الدولية المستمرة.
مركز الوباء
وأردفت سنام وكيل تقول: تم تحديد إيران باعتبارها المركز الإقليمي للوباء مع الارتفاع المستمر في عدد الوفيات الناجمة عنه، ومن بينهم أفراد من النخبة السياسية والعسكرية في البلاد، ومع ذلك، لم تُثر الحكومة الإيرانية الذاكرة الجماعية للحرب كفرصة للمقاومة والتعبئة الوطنية.
ومضت قائلة: هذا ليس مفاجئًا؛ لأنه حتى الآن كانت استجابة الحكومة الإيرانية على الفيروس بطيئة، وتتسم بسوء الإدارة، وبعد استجابة بطيئة في البداية، حاولت إيران بعد ذلك التقليل من شأن تأثير الفيروس، والتغطية على عدد الحالات والوفيات وإلقاء اللوم على الولايات المتحدة، قبل تنفيذ خطة عمل سيئة التنسيق شابها صراع داخل الحكومة.
وتابعت: بالنسبة للقيادة الإيرانية، كانت الحرب بين إيران والعراق الفترة الأكثر تأثيرًا، خصوصًا على أيديولوجيتها السياسية وسياساتها الداخلية والأمنية والعلاقات الدولية، حيث لقي أكثر من نصف مليون إيراني مصرعهم، ورسخت نظرة للعالم تتسم بجنون العظمة وشعور بالعزلة بين العديد من نخبة قادة البلاد، ومنهم المرشد علي خامنئي.
ونوّهت كاتبة المقال إلى أن الحرب العراقية الإيرانية مكّنت من تنفيذ حملة تطهير سوداء ضد الخصوم السياسيين وولادة تدريجية للفصيل الإصلاحي في إيران، لكنها في الوقت نفسه ربطت روح التضحية والاستشهاد لدى الإيرانيين بالمفاهيم الجماعية لما يسمى بالمقاومة، وهو الأمر الذي تم تنفيذه في حملات أخرى إقليمية واقتصادية.
وتابعت الكاتبة: بعد 3 عقود من قرار الخميني عام 1988 بأنه يتجرع الكأس المسمومة بإنهاء الحرب الطويلة، تواصل إيران مواجهة النتائج، وأشارت إلى أن الاعتراف بأن أزمة كورونا يمكن أن تكون لها عواقب عميقة تضيف المزيد من الضغط على إيران في وقت ضعف لا مثيل له.
مفاوضات مشروطة
وأردفت سنام وكيل: حتى قبل هذه الأزمة، ربطت الحكومة الإيرانية العقوبات بالحرب الاقتصادية؛ مما جعل المفاوضات المستقبلية مشروطة بتخفيف العقوبات، ونوّهت إلى أن المتشددين الإيرانيين انتهزوا الفرصة لتعزيز اقتصاد المقاومة القائم على الكفاف، والذي يستهدف عزل الاقتصاد الإيراني من الصدمات الخارجية مثل العقوبات.
وتواصل: بينما تدرك كلتا المجموعتين الضرورة الاقتصادية، إلا أن إستراتيجياتهما المتنافسة تساعد في تفسير استجابة الحكومة المشوّشة والمنافسة الأيديولوجية المستمرة بين النخب السياسية، مشيرة إلى أن روحاني جادل بأن الإغلاق الكامل للاقتصاد الإيراني أمر مستحيل؛ لأنه يتعرض بالفعل لضغوط كبيرة من العقوبات، حيث شهد الاقتصاد الإيراني انكماشًا بنسبة 9.5 % في 2019 ومن المتوقع أن يزداد سوءًا في العام المقبل.
وتزيد: مع ذلك، اتخذت الحكومة، خلال عطلة رأس السنة الإيرانية الجديدة، إجراءات لإبطاء انتشار الفيروس، كمنع السفر وإغلاق المدارس وأماكن العبادة، وإلغاء صلاة الجمعة، وفي 4 أبريل، سحب روحاني مليار دولار من صندوق التنمية الوطني الإيراني، كي يوزع القروض والائتمانات على 23 مليون أسرة، كما تم الإعلان عن المساعدة من عدد من الوكالات شبه الحكومية الإيرانية.
وأردفت بالقول: لكن في خطابه السنوي للعام الجديد، قام المرشد الأعلى بتحميل الأزمة إلى الآخر من خلال إلقاء اللوم على الولايات المتحدة بنشر الفيروس كشكل من أشكال الإرهاب البيولوجي.
البارانويا والمقاومة
ونوّهت الكاتبة في مقالها على موقع «شاتام هاوس»، إلى أن طرد منظمة أطباء بلا حدود مؤخرًا من إيران يسلط الضوء على مزيج من البارانويا وثقافة ما يسمى بالمقاومة اللتين ما زالتا حاضرتين في البلاد.
وقالت: أضعفت العقوبات الأمريكية على طهران الاقتصاد الإيراني إلى حد كبير. وتضيف: «ما زال تأثير فيروس كورونا على المجتمع الإيراني يحتاج إلى مزيد من التدقيق. لكن تأثير العقوبات وضع عبئًا اقتصاديًا ونفسيًا ثقيلًا على النظام، ولفتت إلى أن هشاشة العقد الاجتماعي وسط الاحتجاجات والقمع الحكومي، كشفت تراجع الثقة.
وأشارت إلى أن الوباء عزز التوترات بين طهران وواشنطن؛ مما يوحي بأن أي صفقة جديدة، عند الضرورة، ليست مطروحة.
وتابعت: صرّح عبدالله الناصري، مستشار الإصلاحيين الإيرانيين، مؤخرًا بأنه من أجل إدارة أزمة الفيروس، يتعيّن على الحكومة الإيرانية اتخاذ قرار مماثل لقرار الأمم المتحدة رقم 598 لعام 1988 الذي أنهى الأعمال العدائية للحرب.
وتختم: في حين أن إجراء تسوية مماثلة اليوم قد يبدو قاتلًا للمؤسسة السياسية، إلا أن الواضح أن هناك حاجة ماسّة إلى تحوّل نموذجي عن ظلال الحرب الأخيرة لإيران لإدارة التحديات الناشئة عن كورونا.