ذاويك إين إيشا: آسيا تستعد لمعركة غذائية
يو إن نيوز: تهديد كبير على المنطقة العربية
سي إن إن: ترشيد الاستهلاك.. «اختيار إجباري»
أرفف فارغة ومتاجر بقالة مملوءة بالمستهلكين عن آخرها وأناس يتسابقون على شراء كل وأي بضائع يجدونها في طريقهم.. ذلك هو المشهد المتكرر الذي اجتاح أكثر من 200 دولة حول العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث نشرت أخبار تفشي فيروس كورونا نوعين من الخوف بين الناس، الأول: وهو الذعر من الإصابة بالمرض، أما الثاني: فهو الفزع من الجوع الناتج عن فرض الحظر وإغلاق المصانع. وبينما سارع كثير من الحكومات لفرض قبضتها الصحية على الخوف الأول عبر تقليص أعداد المصابين إلى أقل حد ممكن، ودعم المستشفيات والمراكز الطبية، إلا أن مهمة السيطرة على الخائفين من الجوع كانت أشد وطأة وأكثر تحديًا.. من هذا المنطلق طرح الإعلام الدولي سؤالًا كبيرًا، وهو: هل سيجوع العالم فعلًا بسبب فيروس كورونا؟، وإلى أي مدى تهدد تأثيرات الفيروس الأمن الغذائي العالمي؟ وتنوعت الإجابات في مختلف الصحف والدول، كالآتي:
نقص البضائع
من جانبها قالت صحيفة الجارديان، إن المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي العالمي تتزايد مع خضوع نحو خمس سكان العالم لحالة عزل أو قيود على الحركة والتنقل مع اتساع انتشار فيروس كورونا، وتوقف المصانع، واحتمالية معاناة عدد ليس بقليل من الدول من نقص في البضائع.
وقالت الصحيفة: «شهدت كل الدول التي أصابها الفيروس تقريبًا تهافتًا على الشراء بدافع الفزع لاحتياجات منزلية أساسية مثل مستحضرات التنظيف وورق التواليت، والأطعمة بأنواعها».
ونقلت الصحيفة عن فين زيبيل Vien zieple خبير الاقتصاد الزراعي في بنك أستراليا الوطني، قوله: «بدأ الناس يشعرون بالقلق، وسيتحول ذلك القلق إلى كابوس إذا بدأ كبار المصدرين يبقون على الحبوب في بلادهم، حيث سيقلق ذلك المشترين حقًا. إنه أمر مفزع وغير عقلاني لأن العالم بالأساس به وفرة من الغذاء».
ولفتت الصحيفة إلى أن كبار مصدري الحبوب الغذئية في العالم مثل فيتنام، ثالث أكبر مصدر للأرز، وكازاخستان، تاسع أكبر مصدّر للقمح، بدأوا بالفعل في اتخاذ خطوات لتقييد بيع هاتين السلعتين الأساسيتين وسط مخاوف بشأن مدى توافرها محليًا في الفترة المقبلة، كما دخلت الهند، أكبر مصدر للأرز في العالم، فترة منع تجول ستستمر 3 أسابيع مما أوقف عدة قنوات للخدمات اللوجيستية.
وفي روسيا، دعا اتحاد منتجي الزيوت النباتية إلى تقييد بيع بذور دوار الشمس ـ التي يتم تصنيع زيوت الطعام منها-، ووضع قيود على صادرات القمح. وتباطأ إنتاج زيت النخيل في ماليزيا، ثاني أكبر منتج له.
وأضافت الصحيفة: «حتى الآن تسبب الفزع من احتمالية حدوث نقص الغذاء وليس النقص الغذائي نفسه في افتعال أزمة، إلا أن تلك الأزمة قد تحتدم بشدة مع استمرار فيروس كورونا في نشر الذعر بين الشعوب وتمديد فترات الحظر والإغلاق».
ونقلت الصحيفة عن ثلاث منظمات دولية وهي: منظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، تحذيراتهم من مخاطر حصول أزمة غذائية في العالم مع الاضطرابات في سوق المنتجات الزراعية، وعدم حصول العاملين في هذا القطاع على حماية كافية في مواجهة فيروس كورونا المستجد.
استيراد وتصدير
ومع توقف سلاسل التوريد في العالم تزامنًا مع منع الطيران في عدة دول وتجميد الطيران خوفًا من نشر الفيروس أصبحت الدول التي تعتمد بصفة أساسية على استيراد منتجاتها الغذائية «في خطر كبير» حسبما وصفت صحيفة جلوبال نيوز الكندية.
وقالت الصحيفة الكندية على موقعها الإلكتروني: «بعض الدول المصدرة للحبوب الأساسية تفضّل الآن الاحتفاظ بمحاصيلها خشية حصول نقص أو لزيادة الأسعار، إضافة إلى تعقيدات الشحن البحري والجوي، وبالتالي فإن الدول المستوردة للغذاء على الضفة الأخرى من السلسلة الغذائية العالمية قد تواجه مخاطر التعرض لنقص خطير».
وأضافت: «الغموض الحالي في توافر الغذاء يمكن أن يتسبب في قيود على التصدير، مما قد يتسبب بدوره في نقص بالغذاء بالسوق العالمية".
وترتفع أسعار الأرز بالفعل حول العالم وسط توقعات بزيادة تقييد الصادرات. وقال تاجر بارز في سنغافورة بواحدة من أكبر شركات تجارة الأرز في العالم للصحيفة: "إنها مسألة لوجيستية بحتة، حيث توجد قرارات من 3 دول قد تتسبب في أزمة أرز عالمية، وهي فيتنام التي أوقفت التصدير، والهند التي أمست في حالة إغلاق، وتايلاند التي قد تعلن إجراءات قيود تصديرية في القريب العاجل".
وحسب الصحيفة الكندية، ارتفع السعر القياسي للأرز في تايلاند إلى أعلى مستوياته منذ أغسطس 2013 ليبلغ 492.9 دولار للطن.
وتاريخيًا، تجاوز السعر ألف دولار للطن وقت أزمة الغذاء في عام 2008 عندما ارتفعت الأسعار بسبب قيود على التصدير ونتيجة التهافت على الشراء بدافع القلق.
وقال التاجر السنغافوري: "من المستبعد أن نشهد تكرارًا لما حدث في 2008.. من ناحية لأن العالم به إمدادات كافية هذا العام، خاصة في الهند حيث المخزونات كبيرة جدًا، ولكن الفزع والإغلاق على البضائع قد يتسببان في اضطراب وصول البضائع للأسواق".
وقبل الاننتشار المدوّي لفيروس كورونا، أفادت بيانات لوزارة الزراعة الأمريكية بأن الإنتاج العالمي المجمّع من الأرز والقمح، وهما المحصولان الأكثر تداولًا، سيسجل على الأرجح مستوى قياسيًا هذا العام عند 1.26 مليار طن.
وأظهرت البيانات أن هذا الإنتاج يمكنه بسهولة تلبية احتياجات الاستهلاك من المحصولين وزيادة المخزونات في نهاية العام إلى مستوى قياسي يبلغ 469.4 مليون طن.
وهو خبر مطمئن، ولكنه مشروط بإفراج الدول المصدرة عن تلك البضائع، كما أن هذه التوقعات تفترض تدفقات طبيعية للمحاصيل من أماكن إنتاجها إلى أماكن استهلاكها، فضلًا عن الوفرة المعتادة للبدائل، التي تعاني من نقص المواد الداخلة في تصنيعها هي الأخرى الآن.
أسواق آسيا
ومع تهافت الأسر على شراء السلع في عدة دول آسيوية، أوضح موقع ذا ويك إين إيشا أن هذا السلوك الاستهلاكي» "غير المرشد" تسبب في ارتفاع أسعار بعض السلع في بعض الدول، موضحًا أن الفقراء هم المتضررون الحقيقيون من عمليات الاستحواذ الفردية الكبيرة من الأفراد ذوي القدرات المالية الكبيرة "الأغنياء" على بضائع بعينها.
وقال الموقع: "خلال الأيام الماضية، ومع اتجاه العديد من الحكومات الآسيوية إلى فرض منع التجول عقب انتشار الفيروس في الصين، وانتقاله إلى اليابان وكورويا الجنوبية وهونج كونج وسنغافورة والعديد من الدول الآسيوية الأخرى، فقد تسبب ذلك في تفريغ المحال التجارية من غالبية السلع الغذائية، إضافة إلى خلو بعض الأسواق ومتاجر البقالة".
ونقل الموقع عن إدوارد جونسون Edward Johnson عضو برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: "يمكن لانتشار مرض كوفيد-19 أن يؤثر في سلسة توريد الغذاء، وهو يفتح الباب أمام العديد من علامات الاستفهام حول مدى استقرار الأمن الغذائي العالمي في ظل انتشار فيروس كورونا".
ولفت الموقع الآسيوي إلى أنه يمكن للتباطؤ الاقتصادي أن يزيد من تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي القائمة ويخلق "معركة غذائية"، حيث إنه يحد من قدرة الأفراد على الوصول إلى المواد الغذائية بطرق مختلفة، بينها انخفاض الدخول أو ارتفاع معدلات انعدام الأمن الوظيفي.
المنطقة العربية
وتحت عنوان «وباء كورونا يهدد بإغراق الملايين في المنطقة العربية في براثن الفقر وانعدام الأمن الغذائي»، قال الموقع الإخباري التابع لمنظمة الأمم المتحدة، إن المنطقة العربية تواجه تحديات من نوع خاص في ظل الأزمة الحالية.
وتطرّق الموقع إلى توصيات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة حول الأزمة المرتقبة في سوق الغذاء العالمية والعربية، مطالبًا بضرورة تجنب التكالب على السلع، ورصد الأسعار، ودعم المحتاجين من خلال شبكات الحماية الاجتماعية التي يمكنها أن تحدّ من تأثير تفشي هذا الوباء على الأسواق.
وأضاف الموقع: «التراجع اقتصادي يطال الدول النامية في المنطقة العربية بشكل مباشر، وتلك التي تشهد حروبًا ونزاعات داخلية مثل سوريا والعراق».
ولفت الموقع إلى أنه في الوقت الذي ينبغي أن يكون فيه القطاع الغذائي والزراعي أقل تضررًا عن غيره من القطاعات، إلا أن نقص العمال بسبب المرض، وتوقف عمليات النقل، وإجراءات الحجر الصحي تحدّ من القدرة على الوصول للأسواق، وتتسبب في حدوث انقطاعات في سلاسل التوريد، وهذا ينجم عنه خسارة المواد الغذائية وهدرها، ومن شأنه أن يؤثر في توافر البضائع الأساسية في عدة دول عربية بالمنطقة.
وعلى صعيد الطلب في المنطقة لفت موقع الأمم المتحدة إلى أنه يمكن لنقص القدرة الشرائية بسبب المرض أن يغيّر من الأنماط الغذائية بين الأفراد، وسينشأ عن ذلك ضعف التغذية الصحية. وحالات الشراء الهستيري للأغذية، مثل تلك التي شهدتها بعض البلدان في الآونة الأخيرة، قد تؤدي إلى تحطيم سلسلة التوريد وأن تتسبب في ارتفاع الأسعار على الصعيد المحلي.
الحل الوحيد
وفي النهاية تؤكد شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن انعدام الأمن الغذائي الناتج عن فيروس كورونا قد يؤدي إلى خسائر فادحة في الاقتصاد تفوق التأثير الحالي على البلدان المتضررة.
وأشارت إلى أن البلدان التي تعاني مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، تكون أكثر عرضة للإصابة وأقل استعدادًا لمواجهة تفشي المرض على نحو وبائي، وبالتالي تزداد احتمالية ارتفاع معدلات الوفيات فيها.
وقالت: "علاوة على ذلك، يزيد سوء التغذية من احتمالية التعرض للمرض، والعواقب الاقتصادية المترتبة على هذا الفيروس قد تؤدي إلى تضرر عدد أكبر من الناس أكثر من الوباء ذاته".
وأوضحت الشبكة أن الأمل الوحيد للتخلص من هواجس الخوف من الجوع وقلة البضائع لن يتحقق إلا بترشيد الاستهلاك إلى حين انتهاء الأزمة، ووضع ضوابط للسيطرة على الأسواق ومحلات البقالة، على غرار تحديد عدد البضائع المسموح بها لكل فرد، وتقليل عدد ساعات عمل تلك المتاجر.
واختتمت: "إذا لم تكن الشعوب أكثر وعيًا.. والأفراد أكثر مسؤولية.. والحكومات أكثر سيطرة على الأسواق فسنخرج من الأزمة الصحية إلى أزمة غذائية أشد عواقب وأكثر فتكًا بالمجتمع العالمي".