وأوضحوا في حديثهم لـ «اليوم» أن بؤر الانتشار والتزايد للحالات أصبحت شبه معروفة والتي تتزايد بنسب تصل إلى 80% في مساكن العمالة والأحياء العشوائية التي تكون مواقع للسكن والتجمعات البشرية حسب التصريحات الأخيرة للمتحدث الرسمي لوزارة الصحة، مشيرين إلى أهمية تكثيف التوعية بكافة الوسائل المتاحة وبكل اللغات للجنسيات المختلفة والمتواجدة في الأحياء الشعبية ومخاطبتهم وتوعيتهم بلغاتهم والتعاون مع شخصيات من أبناء جنسهم للمساعدة في إيصال الرسالة بوضوح لهم.
إحكام السيطرة
وقال استشاري أمراض باطنية ومعدية د. نزار باهبري: جهود وزارة الصحة المبذولة بتكاتف كافة القطاعات المعنية الحكومية والخاصة واضحة ومشكورة، وتعد المملكة من الدول المتقدمة في كيفية التعامل الأمثل مع مرض فيروس كورونا، والآن وبعد مرور قرابة الشهر من ظهور أولى الحالات في المملكة، اتضحت الصورة للجميع من حيث المواقع الأكثر انتشارا سواء داخل المدن أو المحافظات والقرى الصغيرة، وبدا الالتزام واضحا من الجميع بعد القرارات الأخيرة بمنع التجول الكامل والجزئي والتنقل في مدن ومحافظات المملكة، ولكن هناك مواقع أو تجمعات بشرية في بعض الأحياء في جميع المدن بدون استثناء، ويكون فيها الاهتمام بالتباعد قليلا جدا، سواء كانت لعمالة شركات ومؤسسات أو من المقيمين الذين يتجمعون ويتواجدون في مواقع وأحياء معينة، حيث يفضل التعامل مع التجمعات البشرية بنقلهم واستخدام المباني التي يمكن تسكينهم فيها مثل المدارس ودور الإيواء وخلافه، وتكون متابعتهم الصحية عن قرب لإحكام السيطرة على الفيروس الذي أصبحت نسبة انتشاره تزيد خصوصا بين هذه التجمعات.
وأضاف «باهبري»: وفيما يخص القرى والمحافظات الصغيرة التي بدأت الحالات فيها بالظهور قد يعود لأسباب متعددة منها ظهور الأعراض لا يكون إلا خلال أسبوعين، وربما كانت هناك تنقلات قبل المنع لأشخاص حاملين للفيروس وبدأت أعراض المرض تظهر حاليا، أو من أشخاص يعملون في المهن المستثناة للتنقل بين المدن في المواد الغذائية وخلافه، ولكن تمكن السيطرة عليه خصوصا أن أعداد السكان محدودة في تلك المدن الصغيرة وتسهل معرفة بؤر الانتشار بحكم صغر المساحة الجغرافية والتعداد السكاني فيها.
ودعا «باهبري» إلى تكثيف التوعية بكافة الوسائل المتاحة وبكل اللغات للجنسيات المختلفة والمتواجدة في الأحياء الشعبية والتي تكون فيها التجمعات البشرية كبيرة، ومخاطبتهم وتوعيتهم بلغاتهم والتعاون مع شخصيات من أبناء جنسهم للمساعدة في إيصال الرسالة بوضوح لهم.
نقاط فرز
وأشارت استشارية مكافحة العدوى والأستاذ المشارك بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة د. مها العلاوي إلى أن ظهور حالات جديدة في مدن ومحافظات وقرى جديدة حسب الإعلان اليومي للحالات المؤكدة، ربما يعود إلى أن هناك حركة تنقلات من أشخاص حاملين للفيروس من مدن فيها إصابات عديدة والوصول إلى تلك المدن الصغيرة، وظهور الحالات الآن لا يعني أن الإصابة كانت هذه الأيام حيث إن فترة حضانة الفيروس تصل إلى 14 يوما، وربما أن الشخص الحامل للفيروس بدأت الأعراض تظهر عليه حاليا خصوصا بعد القرارات الأخيرة بمنع التجول بين المدن فيما بينها، وصولا للأحياء من نفس المدينة والمحافظة، إضافة إلى أهمية وجود نقاط فرز صحية بين المدن والمحافظات.
وأضافت «العلاوي» أن وزارة الصحة شفافة من حيث الإعلان في كل ما يخص فيروس «كورونا» والأسباب المؤدية لزيادة الأرقام، وبالتزام الجميع بالإجراءات الوقائية التي أعلنتها القيادة الرشيدة ممثلة في وزارة الصحة وكافة الجهات المعنية ذات العلاقة ستنحصر الحالات على مستوى المملكة، بتكاتف الجميع من مواطنين ومقيمين، لا سيما أن القيادة الرشيدة حريصة كل الحرص على سلامة كافة المواطنين والمقيمين والمتواجدين على أرض الوطن بطرق غير نظامية بتوفير العلاج والرعاية الصحية بالمجان في كافة القطاعات الصحية الحكومية والخاصة، وهذا يؤكد عزم الدولة بمساعدة المواطنين والمقيمين على دحر الفيروس وعودة الحياة مجددا لوطننا بإذن الله.
مواجهة الأزمات
وبين المتخصص في علم الجريمة والمشكلات الأسرية د. عبدالعزيز آل حسن: ما يمر به العالم في هذه الفترة من آثار الجائحة الصحية، ما هو إلا تحليل دقيق لتدني قيمة الضبط الذاتي عند فرد أو أكثر أدى إلى الانتشار والتوسع للفيروس، ولذلك سارعت كل الدول لحماية شعبها ومقدراتها ومنظومتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفي هذا الصدد تعتبر المملكة أنموذجا عالميا مثاليا لمواجهة الأزمات حيث جعلت الإنسان أولا، وقامت بعمل كل الطرق لحمايته ورعايته والحد من انتشار هذا الفيروس ولا تزال، ومع ذلك كله نجد أن هناك البعض ممن يخالف تلك التعليمات والإرشادات وأنه قادر على حماية نفسه من المرض فلا يلتزم بالحجر المنزلي ويقوم بعمل زيارات متنوعة لأصدقائه ومعارفه، مما أدى إلى توسع رقعة الانتشار بسبب تدني مستوى المسؤولية والضبط الذاتي لديهم، وواجب على كل مواطن أن يبدأ بذاته ثم بأسرته ومن حوله بالنصح والإرشاد واتباع الإجراءات والأنظمة التي حثت عليها الجهات المعنية، بالإضافة إلى مراقبة الجهات ذات الاختصاص للتجمعات العمالية والمناطق العشوائية التي قد يكون من المناسب إقامة مخيمات عزل قريبة من سكنهم لمدة 14 يوما للتأكد من سلامتهم، وعمل نقاط فحص وإرشاد شبيهة بتلك التي تقام بحملات التطعيم أو الأسابيع التوعوية، ومما لا شك فيه أن شعار «كلنا مسؤول» هو الذي يجب أن يفهمه ويطبقه كل فرد مهما كان جنسه أو عمره أو جنسيته في هذا البلد، فالمسؤولية تبدأ بضبط الذات حتى يكون هناك ضبط للمجتمع بأكمله.
سلوكيات سلبية
وأضاف «آل حسن»: لا تظهر العشوائية في أي مجتمع سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات إلا وسادت فيه الفوضى وتفشت السلوكيات السلبية، وتداعت خلخلة الحياة الاجتماعية إلى أبعاد لا تحمد عقابها، وفي المقابل تتماسك العروة الوثقى إلى أبعد مداها في المجتمعات المنضبطة التي تطبق الضبط الاجتماعي.
متابعة صحية
وقال الاستشاري التربوي والإداري والاقتصادي المالي د. ماهر آل سيف: لم يقصر المسؤولون سواء كان ذلك في القرارات أو التوجيهات التي أوجدتها حكومتنا الرشيدة في حادثة القضاء والتغلب على جائحة فيروس كورونا، فقد أدارت الحادثة باحترافية تامة، وتعتبر المملكة من أوائل الدول التي قامت بهذه الاحترازات الوقائية، كما لم يقصر الجهاز الصحي في إدارة الأزمة أيضا وكان على قدر المسؤولية التامة، وأدار ذلك باحترافية تامة أيضا، وبقي الدور علينا نحن كمجتمع فالكرة في ملعبنا سواء كنا مواطنين أو مقيمين، فيجب التقيد بالإجراءات الوقائية، وعدم التساهل أبدا في هذه الإجراءات التي سوف توصلنا إلى بر الأمان.
عمالة مكدسة
وأوضح «آل سيف»: ظهور حالات مصابة مؤكدة في بعض المحافظات والقرى رغم الاحترازات التي أوجدت من قبل المسؤولين سواء بالحجر الصحي أو منع التنقل بين المحافظات ورغم التشدد الكبير وعدم المخالطة من وجهة نظري، يرجع إلى الخدمات والعمالة المنتشرة، والتي من المكن أن تسهم في نقل هذا الفيروس الذي أرعب العالم، إضافة إلى وجود عمالة مكدسة كثيرا في بعض الأماكن والمواقع السكنية وتختلط هذه العمالة مع بعضها ومن الممكن يتواجد أحد منهم مصاب فينقل العدوى فيما بينها، ليأتي بعضها لغسيل المركبات مثلا فينتقل من هذه العمالة إلى صاحب المنزل عبر مركبته، أو من العمالة التي توصل الطلبات من المطاعم، أو المحلات التجارية مثل البقالات أو السوبر ماركت، فقد لا يكون الموظف يعلم بذلك، أو بحد ذاته لا يكون مصابا إلا أن العدوى قد تنتقل له عبر البضاعة التي يقوم بتحميلها من الشاحنات أو المركبات التي تأتي من خارج المحافظات أو القرى أثناء التفريغ في المحلات، وخاصة أن تلك المركبات وقائديها قد اختلطوا بعدد من الأشخاص في المخازن الكبرى ثم تتحول السلع إلى المحلات الصغيرة، ثم تتحول إلى الموظف العامل الذي يقوم بإيصال المتطلبات للمنازل ومنها تنتقل إلى من يقوم باستلام ذلك من الأسر، ومن ثم تنتشر بين أفراد الأسرة الواحدة وهذا نراه بنسبة بسيطة وقليلة.
وأشار «آل سيف» إلى أنه يجب متابعة الجاليات والتركيز عليهم وخاصة أن الإحصاءات التي ظهرت من الجهات الرسمية تخبرنا بأن المواطنين نسبة الإصابة الربع أو أقل من ذلك في جميع المملكة، بينما نجد أن المقيمين هم النسبة الكبيرة التي ينتشر بينهم هذا الفيروس وهذا ما يؤيد كلامنا، ومن الضروري تفكيك التكدسات العمالية التي تتواجد في مواقع شتى في المجمعات السكنية، فمنع تواجد العمالة وبأعداد كبيرة في أماكن السكن مهم للغاية، فالتقارب الجسدي يسهل انتقال العدوى وبكثرة، فنتوقع من هذا السبب أن تأتي نسب وأعداد التزايد في الإصابات بفيروس كورونا رغم الحذر الشديد والمحكم من قبل الجهات ذات العلاقة.
شكل أوسع
وأوضحت مستشارة الجودة والسلامة الغذائية سلوى الراجحي أن الجهات المعنية عملت على التوعية والتثقيف الصحي لمواجهة فيروس كورونا من إجراءات وتوصيات إرشادية صحية ووقائية بالتزام بالحجر المنزلي، وبتفادي الأماكن المكتظة قدر الإمكان، وتجنب المصافحة والاقتراب من الناس، فضلا عن استخدام المناديل عند العطس أو السعال والمواظبة على غسل اليدين أو تعقيمهما، مباشرة بعد ملامسة أسطح قد تكون فيها العدوى والحد من التنقل بين المدن وتقليل التفاعل والتواصل المباشرين بين الناس سواء كانوا مرضى أو أصحاء، ورغم كل ذلك يواصل كثيرون حياتهم بشكل طبيعي، إما لأسباب خارجة عن إرادتهم أو لأنهم يستهينون بالنصائح الطبية، وهؤلاء لا يشكلون خطرا على أنفسهم فقط، بل قد ينقلون العدوى إلى أشخاص آخرين بسبب تهورهم، ولأن إحدى خصائص فيروس كورونا كوفيد - ١٩ فترة الحضانة الطويلة نسبيا، والتي قد تزيد على 14 يوما، فذلك يزيد من إمكانية انتشار المرض بشكل أوسع، فقد يصاب به الإنسان ويمارس حياته بشكل طبيعي لأكثر من أسبوعين، من دون أن تظهر عليه أي أعراض، فذلك ينقل العدوى لأكبر عدد ممكن.
يذكر أن وزير الشؤون البلدية والقروية المكلف ماجد الحقيل اعتمد الشروط الصحية لمساكن العمال، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الوزارة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد في المملكة.
وتأتي هذه اللائحة إنفاذاً للأمر السامي الكريم، القاضي بقيام وزارة الشؤون البلدية والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها «وقاية»، بتحديث لائحة الشروط الصحية لمساكن العمال داخل النطاق العمراني، لتتوافق مع الإجراءات الاحترازية .
وتَهدف اللائحة المحدثة، التي تتضمّن اشتراطات الموقع، والمبنى، ومرافقه، وتجهيزاته، والإجراءات الاحترازية التي تتوافق مع متطلبات مكافحة فيروس كورونا، وأحكام ومراقبة تنفيذ هذه الاشتراطات، إلى توفير السكن الصحي المناسب للعمالة.
تعقيم وتطهير
وأوضح المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة، محمد البقمي أن الأمانة تعمل على نظافة وتعقيم المرافق العامة بجدة ويتم التركيز على المرافق التي تشهد ترددا أكبر من السكان مثل محلات التموينات، إضافة إلى استمرار أعمال الجولات الرقابية للتأكد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية بمشاركة أكثر من ١٢ ألف عامل و١٠ آلاف معدة موزعة على نطاق ١٩ بلدية فرعية و١٥ بلدية مرتبطة، مشيرا إلى أن الأمانة وفرت آليات صغيرة للشوارع الضيقة والأزقة في الأحياء الطرفية بالمحافظة، وتم تعقيم أكثر من 60.000 موقع داخل محافظة جدة.