خطر على البال طرح فكرة قابلة للتنفيذ ونحن نعيش فترة الحظر وهي أن يكتب كل شخص يومياته بما في ذلك أمنياته التي يرجوها هذه الأيام لكي يعود إليها بعد انتهاء أزمة كورونا، سيجد كل منا العجب فيما تمنينا وحتى تقرب الصورة ولا أظنها بعيدة عنكم، آخذكم في سرد من خيال الواقع وليس من واقع الخيال، ونتخيل شخصا فقد الذاكرة قبل أزمة كورونا وعادت له الذاكرة أثناء الأزمة، وشاهد برنامجا تلفزيونيا بعنوان (ما يتمناه المشاهدون) على الهواء مباشرة، فشخص يتمنى أن يتجه إلى المسجد بعد سماع الأذان للصلاة مع الجماعة فصوت الأذان عندما يصدح به المؤذن عند كل صلاة يترك في نفسه ألما وحسرة كونه لا يستطيع الخروج، وآخر يتمنى أن تعود الحياة للشارع الرياضي فقد اشتاق لمتابعة مباريات كرة القدم، وآخر تخنقه العبرة قائلا كم هي جميلة الجمعات العائلية التي افتقدناها، وأمنيتي أن نجتمع في بيت الوالد كما تعودنا كل أسبوع، وآخر يقول بحرقة اشتقت لزيارة أقاربي وأصدقائي، وتستمر الأمنيات، إذ يقول آخر افتقدت برنامجي الرياضي اليومي بما في ذلك المشي اليومي مع الزملاء، وآخر يتمنى عودة الحياة إلى طبيعتها ويتحدث عن روعة الجلوس في الحدائق العامة والكورنيش مع العائلة ويستذكر جمال اجتماع الأسر في تلك الأماكن العامة، وهناك من تمنى أن تعود الحياة للمجمعات التجارية.
وتستمر الأماني ولكم أن تدونوا في يومياتكم ما يدور في خلجاتكم، هذا هو حالنا أثناء الأزمة، فما كنا نقوم به من أفعال طبيعية روتينية أصبحت من الأماني بعد الحرمان، وهمنا أن تعود الحياة لطبيعتها.. ولكي نسرع بعملية العودة لابد من التكاتف والشعور بالمسؤولية.
من دروس كورونا، علمنا هذا الفيروس أن الحياة جميلة عند من يشعر بجمالها وفي نفس الوقت مملة ورتيبة عند من لا يستشعر ذلك.. بحول الله وقوته ستعود الحياة كما كانت، ودرس آخر، أن الصحة لا تقدر بثمن ولابد من الوقفة هنا والدعاء لمن حياتهم طوال العام داخل غرف المصحات وتحت الأجهزة قبل كورونا وبعده.
عندما تأملت وضعنا كيف اكتشفنا أخيرا قيمة الحرية والصحة والأمان التي كنا نعيشها ولم نشعر بها قبل الحظر، تذكرت قصة ذلك الرجل الذي أراد أن يبيع منزله فذهب لوكالة تسويق لصياغة إعلان لبيع المنزل وتم توصيف المنزل بطريقة جاذبة حيث ذكروا أهمية الموقع المميز للمنزل والمساحة الكبيرة وجمال التصميم الهندسي والمطلات الرائعة، وختم الإعلان بجمال تصميم الحديقة وحمام السباحة وبعد ذلك تم عرض الإعلان على صاحب المنزل، طلب إعادة قراءة الإعلان مرة أخرى، عندها قال بصوت عال يا له من منزل جميل كنت أحلم به طيلة حياتي، ولم أشعر بأنني أملك منزلا بهذا الجمال.. هذا هو حالنا مع حياتنا اليومية، نمارس الرياضة والزيارات ونشاهد المباريات ونمارس العبادات في بيوت الله دون أي صعوبة لكننا لم نشعر بها إلا بعد أزمة كورونا.. فهل نستشعر روعة حياتنا وما بها من جمال ونتمسك بمشاعر الحمد والشكر والثناء على نعم الله كما تمسك صاحب المنزل بمنزله!؟
Saleh_hunaitem@