لم تترك هذه الأزمة شيئا في هذا العالم إلا وجعلت لها بصمة فيه، فقد دخلت بتفاصيلها وتأثيرها الحاد كل بيت ومنشأة وقطاع حتى اتسعت الدائرة إلى ما هو أبعد من ذلك، كما أن من الواضح أن يدها قد طالت مواقع التواصل الاجتماعي فقلبت الطاولة على البعض ممن كان يدعي عكس ما يخفي، إذ كشفت بعض الأسماء التي كانت تختبئ خلف أقنعة كان يعتقد معجبوها أنها لا تعرف طريق التزييف ولا تتلاعب بعقول البشر، فهل ستعيد هذه الأزمة ترتيب ما يطلق عليهم اسم «المؤثرين»؟ وهل اكتشف المتلقي فراغ المحتوى لدى بعض من سرق يومه دون أن يشعر من خلال ما يقدمه ذلك الفارغ من «فقاعات يومية»؟ وهل تساءلت عزيزي المتابع بشغف عن القيمة التي خرجت بها من تلك الفقاعات؟.
سحب البساط من أولئك الذين طالما اعتقدوا بأنهم يملكون صكوك تبعية من يشاهدهم إلى الأبد، فمنهم من هرع إلى المطبخ ليواري سوءته ببعض الطبخات التي حاول أن تكون هي محتواه الجديد إذ أنها أصبحت ملاذه الأخير حتى لا يخسر تلك الحشود التي كانت تسافر معه بالنظر من دولة لدولة، على صعيد آخر هناك من أعتقد بأنه فوق القانون وأن ما يسير على الجميع لا ينطبق عليه، فحاول اختراق بعض الأنظمة في الوقت الذي كان الأجدر به أن يكون أول من يطبق التعليمات، أو يجعل من هذه الأزمة فرصة حقيقية في أن يخلق له محتوى هادفا من خلال الانقياد لكل ما قد يخدم مصلحة الجميع والتشجيع على ذلك، بل أن هناك على سبيل المثال لا الحصر من جلب حلاقا لبرجه العاجي في الوقت الذي كانت فيه الأوامر واضحة وجلية بأن هذا الفعل يخالف النظام، فقابلته السلطات المعنية بالردع اللازم وتطبيق مبدأ المساواة الذي كان يعتقد بأنه لا يشمله.
اختفت الكثير من الأسماء بين من عجز عن خلق محتوى فلم تكن القيمة نابعة منه بل كانت مجرد «ملهيات» ذابت بمجرد بقائه في البيت، ومن حاول التطاول على القانون فضرب بيد من حديد، وتبقى قلة من الذين عملوا على ألا يكونوا «مجرد فقاعات»، بل خدمتهم هذه الأزمة بأن جعلت الكثير يثني عليهم ويركز في محتواهم الثري ويجعله محط اهتمام وإصغاء تام، فمواقع التواصل الاجتماعي تحظى بالعديد من الأسماء التي ترفع لها القبعة وأثبتت صلابة محتواها في الوقت الذي انكشفت فيه هشاشة ما كان يقدمه بعض الفارغين الذين بالرغم من فراغهم لم يتعاطوا مع الأزمة بالشكل المطلوب مما بدد تلك الغشاوة التي كانت على أعين من كان يتوق لمتابعتهم، وأكاد أجزم بأن الكثير منا قد ألغى متابعة العديد من الفقاعات التي كانت تسرق وقته فيما لا منفعة منه.
11Labanda@