شريك أساسي
وأكدت الأستاذ المساعد بقسم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور كارولين خان، ما توليه المملكة من اهتمام للقطاع الخاص؛ باعتباره شريكا أساسيا في تحقيق «رؤية المملكة 2030» والعمل على رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 65 % بحلول عام 2030م، مشيرة إلى تنوع حزم الدعم التي قدمتها الدولة لهذا القطاع خاصة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمنشآت الأكثر تأثرا بهذه الجائحة منه، بهدف توفير سيولة نقدية يتمكن من استخدامها لإدارة أنشطته الاقتصادية بعد تأثره بصورة سلبية من تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد وتوقف أغلب مؤسساته ووحداته الإنتاجية عن ممارسة دورها الفاعل بشكل طبيعي.
ووصفت قرار توجيه الدعم لهذا القطاع في ظل هذه الأزمة التي اجتاحت العالم بـ«الحكيم» والذي يصب في مصلحة الدولة ككل، إذ يمثل دعم هذا القطاع، دعما للعاملين فيه أيضا للاحتفاظ بوظائفهم، ما يسهم في تقليص فرص ارتفاع نسبة البطالة في المجتمع وما يتبعه من آثار سلبية على الإنتاجية والاقتصاد والمجتمع ككل، مضيفة إن هذا الدعم الموجه للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والمنشآت المتضررة يعتبر عاملا مهما لمساعدة هذه المنشآت على الاستمرارية في الإنتاج وأداء دورها بفاعلية وحمايتها من التعثر؛ ما يساهم بالتالي في ارتفاع مستوى الدخل القومي وتحفيز الطلب الكلي واستمرار الإنتاجية وتخفيف الطلب على الواردات وأيضا المحافظة على مستوى النمو الاقتصادي المطلوب وبالتالي السعي نحو تحقيق الخطط المرسومة لهذا القطاع وارتفاع نسبة مساهمته في دعم الناتج المحلي الإجمالي.
مؤشرات قوة
وقال المستشار الاقتصادي الدكتور لؤي الطيار، إن المبادرات الإضافية تأتي امتدادا لما تم الإعلان عنه من مبادرات سابقة لدعم القطاع الخاص وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والنشاطات الاقتصادية الأكثر تأثرا من تبعات هذه الأزمة التي أثرت على اقتصاد العالم أجمع، حيث تجاوزت قيمة هذه المبادرات أكثر من 70 مليار ريال، تمثلت في إعفاءات وتأجيل بعض المستحقات الحكومية، مستطردا: وهذا دليل كبير على متانة وقوة الاقتصاد السعودي.
وأضاف إنه قبل أيام أكدت وكالات التصنيف العالمية قوة ومرونة الاقتصاد السعودي على رغم الأزمة الاستثنائية التي يشهدها العالم حاليا بتفشي فيروس كورونا المستجد، وذلك من خلال تثبيت التصنيف الائتماني للمملكة، مؤكدا أن هذه المبادرات المستمرة لا تصب فقط في مصلحة القطاع الخاص وإنما الاقتصاد بشكل عام، وهو ما يدلل عليه إعلان وكالات التصنيف الدولية بتثبيت النظرة المستقبلية والمستقرة لاقتصاد المملكة.
وأوضح الطيار، أن قوة الاقتصاد الوطني، تتمثل في الارتفاع الكبير للاحتياطيات الأجنبية، وقيم الأصول السيادية، مقابل انخفاض نسبة الدين العام، مؤكدا قدرته على مواصلة النمو ومواجهة التحديات، خصوصا في ظل الأزمات والظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم حاليا.
منافع متعددة
وأشارت وكيل كلية الحقوق بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور صيتة المنديل، أن دعم القيادة الحكيمة -أيدها الله- لقطاع الأعمال، وتذليل العقبات التي تواجهه في ظل استمرار جائحة كورونا، يأتي ليلامس مستهدفات الدولة باستمرار هذا القطاع لأداء دوره بما يضمن توافر السلع والخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين، وأيضا النمو لمؤسسات هذا القطاع لتحقيق العديد من المنافع في مقدمتها الاستقرار المجتمعي وأيضا النمو والتنمية الاقتصاديان.
دعم رأس المال
وأوضح أستاذ القانون المالي المساعد في جامعة جدة الدكتور محمد المقاطي، أن الإجراءات التي تتخذها المملكة تهدف إلى حماية المنشأة حتى تتمكن من مواصلة نشاطها والمحافظة بذلك، على مواطن العمل فيها، مستطردا: فالبنوك مطالبة بتخفيف أعباء تذبذب التدفقات النقدية ودعم رأس المال العامل وتمكينه من النمو خلال الفترة المقبلة.
وأضاف: ولذلك اتخذت البنوك إجراءات من خلال ثلاثة برامج رئيسية، الأول: تأجيل الدفعات حيث إنه تم إيداع 30 مليار ريال لصالح البنوك وشركات التمويل مقابل تأجيل دفع مستحقات القطاع المالي «البنوك وشركات التمويل» لمدة ستة أشهر على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن البرنامج الثاني يتضمن تمويل الإقراض إذ تكمن الغاية من هذا البرنامج في تقوية استدامة أعمال الأنشطة الاقتصادية من خلال تقديم التمويل الميسر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بإجمالي دعم 13.2 مليار ريال، عن طريق منح قروض من البنوك وشركات التمويل لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تهدف إلى دعم استمرارية الأعمال ونمو هذا القطاع خلال المرحلة الحالية، وبما يساهم في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على مستويات التوظيف في هذه المنشآت، مؤكدا أن الإجراءات الحاسمة والمفصلية هي لحماية نسيج الاقتصاد الوطني بتقديم حسم على قيمة فاتورة الكهرباء للمستهلكين في القطاعات التجارية والصناعية والزراعية قدرها 30 % لمدة شهرين «أبريل - مايو» مع إمكانية التمديد إذا اقتضت الضرورة ذلك.
حماية الأفراد
وتابع أن حماية الأفراد والدخل للمواطن السعودي من أولويات الحكومة الرشيدة لضمان التوازن والاستقرار المالي للفرد بشكل خاص ولذلك عملت إجراءات هامة تتمثل في إعفاء جميع العملاء من رسوم إجراء العمليات عبر القنوات الإلكترونية، ومن رسوم انخفاض الرصيد عن الحد الأدنى، ومن أي رسوم تفرض على عمليات إعادة التمويل أو إنهاء اتفاقيات قائمة (سواء تمويل أو من جانب الودائع)، ولمدة ستة أشهر على الأقل، إضافة إلى مراجعة إعادة تقييم معدلات الفائدة والرسوم الأخرى على البطاقات الائتمانية سواء للعملاء الحاليين أو العملاء الجدد، بما يتوافق مع انخفاض معدلات الفائدة حاليا نتيجة للأوضاع الاقتصادية، وإعادة أي رسوم تحويل للعملة الأجنبية المفروضة من البنك للعملاء الراغبين في إلغائها أو الذين قاموا بإلغاء الحجوزات المرتبطة بالسفر، التي تم القيام بها باستخدام البطاقات الائتمانية أو البطاقات المربوطة بحساباتهم الجارية «مدى» أو مسبقة الدفع، كل ذلك لضمان الاستقرار الاقتصادي وحماية الدخل للعاملين بالقطاع الخاص من خلال دفع مبلغ بمقدار الحد الأدنى من الرواتب لهم.
ضمانات التمويل
وقال المقاطي إن برنامج دعم ضمانات التمويل من خلال إيداع مبالغ لصالح البنوك وشركات التمويل يستهدف تمكين جهات التمويل (البنوك وشركات التمويل) من إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تكاليف برنامج ضمانات تمويل قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة «كفالة»، موضحا أن ذلك يهدف للمساهمة في تخفيض كلفة الإقراض للمنشآت المستفيدة من هذه الضمانات خلال العام المالي 2020م ودعم التوسع في التمويل لمدة ستة أشهر على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مستنتجا من تلك الإجراءات أن المصرف هو اليوم مرفق عام، أو على الأقل يقوم بنشاط مرفق عام، فالإجراءات المذكورة واجبة على البنك فلا يمكنه رفضها (رفض التعاقد) وإلا كان مسؤولا نحو عملائه، وأن العلاقة بين المصرف والعميل ليست علاقة عقدية عادية، فالعقد المصرفي ليس شأن المتعاقدين فقط، بل هو «شأن عام» إذ يمكن للغير (مؤسسة النقد العربي) أن يتدخل ويعدل طريقة تنفيذه تيسيرا على العميل، كل ذلك لحماية القطاعين العام والخاص وحماية الدخل القومي للفرد، وضخت السيولة النقدية بشكل عاجل ومباشر لإدارة الأزمة لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي والخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر، وتمثلت في رؤية خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- بأن الدولة سوف تدفع الغالي والنفيس للحفاظ على الوطن والمواطن.
قدرة الدولة
وأوضح الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز أسامة الفدا، أن أثر الحزم والتسهيلات التي تقدمها المملكة لقطاع الأعمال يبرز في تقليل ضرر جائحة كورونا على الاقتصاد ويؤكد توفر قدرة الدولة على تنويع مصادر التمويل بين الدين العام والاحتياطي الحكومي بما يمكنها من التعامل مع التحديات المستجدة، ويسمح بالتدخل الإيجابي في الاقتصاد من خلال القنوات والأوقات المناسبة، مؤكدا ثقته في قدرة السعودية على التصدي لتداعيات الجائحة على كافة المستويات والأصعدة، بالإضافة إلى المحافظة على المكتسبات المالية والاقتصادية التي تحققت خلال الفترة الماضية.
أولت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين أهمية كبرى لتقديم الدعم لكافة القطاعات الاقتصادية، للتخفيف من الآثار السلبية لجائحة «كوفيد 19»، والتي توقع صندوق النقد الدولي أن تكون تداعياتها الاقتصادية أسوأ من أزمة الكساد الكبير الذي حل بالعالم في ثلاثينيات القرن الماضي والأزمة المالية العالمية عام 2008م.
وأوضح اقتصاديون خلال حديثهم لـ«اليوم»، أهمية حزم المبادرات التي أطلقتها المملكة، والتي تقارب قيمتها الـ 230 مليار ريال حتى الآن وذلك للتخفيف من آثار هذه الجائحة على الاقتصاد السعودي، موضحين أن القطاع الخاص حظي بنسبة كبيرة من هذا الدعم لما له من أهمية في دعم الاقتصاد، حيث بلغت مساهته نحو 42 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.