ومن أجل حفظ النفس لابد من المواطنين والمقيمين أخذ مسالة عدم التجول وتأجيل الاجتماعات الأسرية وغيرها بمحمل الجد، وضرورة التقيد التام وعدم التهاون نهائيا في هذه المسألة لأن كل ما قامت به الدولة هو من أجلنا، ولذلك علينا أن نبتعد نهائيا عن أي شكل من الاجتماعات أو التجمعات الظاهرة والخفية. ومن المؤكد أن التهاون في مثل هذه القضية سوف يضر بالجميع، ونحن في مركب واحد ووطن واحد، وغلطة المهمل أو المستهتر سوف تضر بنا جميعا.
وقد ذكرنا أن من الضروريات الخمس حفظ النفس، وهو داخل أيضا في قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، وأيضا من منطلق (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فكيف حين تكون الأذية أكبر من ذلك بانتشار العدوى؟! حيث إن الأرواح والأنفس البشرية أجمع ستتأثر بأي تساهل في مسألة هذه الجائحة (فيروس كورونا المستجد).
ولابد أن نعي كمواطنين ومقيمين أن بقاءنا في البيوت منعا لتفشي الفيروس هو أمر عظيم وجليل للحد من الانتشار، وقد انطلق شعار «كلنا مسؤول» من أجل أن نطبقه جميعا لأن المسؤولية تقع على الكل بلا استثناء حتى نهزم هذه الجائحة، وقد قيل: لا يعجز القوم إذا تعاونوا.
وحتى نعي أهمية ترك الاجتماعات وعدم المخالطة مع الآخرين فقد تم تعطيل الجمعة والجماعات في المساجد من أجل خطورة هذه الجائحة، ونحن نعلم أن الاجتماع في حضور صلاة الجمعة من أعظم القربات وتم تعطيلها مؤقتا، وقد قال ابن القيم - رحمه الله-: إن الجمعة من أعظم مجامع المسلمين سوى مجمع عرفة. ويدل ذلك على أن الاجتماعات بين الأسر والأصدقاء هي أقل شأنا بكثير من الاجتماع لصلاة الجمعة لعظم قدرها وفضلها، فالقضية جدا واضحة في أهمية الالتزام التام من قبل الجميع بلا تهاون، وأن ننكر على أنفسنا والآخرين أي سلوكيات وممارسات خاطئة تضر بنا جميعا، فنحن في سفينة واحدة.
ولابد أن نتفهم الوضع الحالي الذي نعيشه والمساهمة الفعلية منا بكل عزم وإصرار في إيقاف انتشار هذه الجائحة باتباع التعليمات الرسمية المعلنة بحذافيرها، لأن المراحل القادمة تعتمد بالدرجة الأولى على مدى وعينا وتعاوننا في تطبيق الإرشادات والتوجيهات بروح الجماعة، وبمسؤوليتنا المجتمعية والدينية والوطنية والأخلاقية، فكلها تحثنا بل تأمرنا بتطبيق التعليمات، وكلنا مسؤولون عن أنفسنا وأسرنا (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
ولعل فئة من الناس تتضجر وتتبرم من البقاء في المنزل، ولكن لابد أن نعي النعمة التي نحن فيها، فكثير من الناس حول العالم بلا سكن ويبحث عن غرفة واحدة تؤويه!
والبعض للأسف قد يتململ ترفا من الطعام سواء من نوعيته أو جودته! ولكن لنتذكر أن عدد الفقراء حول العالم أكثر من 780 مليون شخص، وهم تحت خط الفقر الدولي بحسب منظمة الأمم المتحدة (تحت خط الفقر الدولي يعني 1.9 دولار يوميا)!! فالحمد لله كثيرا على ما أنعم به علينا.
وسنجد البعض أيضا يتعجل زوال هذه الجائحة والوباء، ولكن المسألة تحتاج إلى صبر في يد وفي اليد الأخرى الأمل، ويصدق علينا اليوم قول الشاعر: أعلل النفس بالآمال أرقبها... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
التعاون والصبر هما المفتاحان لانكشاف الغمة وزوال الجائحة بإذن الله.
abdullaghannam@