فمنذ آلاف السنين فيما قبل الإسلام وبعده، وإلى نهاية القرن السابع من الهجرة، كانت «جرش» ذات مكانة وموقع مهم كنقطة التقاء ومحطة وقوف على طريق الحج القادم من اليمن والمسمى بدرب البخور، فيما أظهرت دلائل على الاستيطان خلال الفترة العباسية في شمال ووسط موقعها، ودلائل أخرى على الاستيطان جنوب موقعها تعود إلى الفترة الإسلامية الوسيطة والمتأخرة.
مكانتها التاريخية
وها هي «جرش البائدة» تتوسط الآن بأطلالها ومكانتها التاريخية محافظة أحد رفيدة شرقي أبها، ويقف جبلاها الحارسان لها، المعروفان بجبل «حمومة» الواقع في جهتها الشرقية، وجبل «شكر» الواقع غربها.
هندسة البناء
وتقف شواهدها التاريخية المتبقية للعيان لتدل بقاياها على هندسة البناء وفنونه، وتعكس ملامح القوة والمناعة والحضارة وتحتفظ بتاريخ ممتد، ولعل ما تم نقشه على إحدى صخور المكان من رسم منفذ بالحفر البارز لأسد ينقض على ثور، وكتب تحته بالخط المسند عبارة «ثورن نعمن وأسدن ملقا»، دليل على ذلك، حيث أشارت المعلومات التاريخية إلى أن هذا النقش هو دليل القوة والحصانة الذي يعود تاريخه إلى القرن الأول الميلادي.
مدينة حضارية
وذاع صيت «جرش» كمدينة حضارية للمخلاف، احتضنت مصانع الدباغة والفخاريات والدبابات والمنجنيق، واشتهرت بصناعاتها الجلدية والحربية ومنها المنجنيق والعرادات، وما كان يُعرف باسم الدبابات، وهذا ما تم توثيقه عبر صفحات التاريخ التي أفردت مساحات وصفحات ووثقت قصص «جرش» وموقعها وسبب تسميتها وأعمال ساكنيها.
مستطيل الشكل
ويتصف بقايا موقع «جرش» الحالي بأنه مستطيل الشكل، بمساحة تبلغ «٣٠٦ أمتار في ٤٣٠ مترًا»، وتمتد على طول الموقع من الجنوب إلى الشمال تلال أثرية، ترتكز كثافتها في المنتصف، وفي الجهة الشرقية توجد بالموقع جدران ذات صخور مشذبة وكبيرة الحجم، يتراوح طولها ما بين ٨٠ سنتيمترًا إلى مترين، وعرضها حوالي ٦٠ سنتيمترًا، وتتشابه ضخامة الجدران بالموقع وأسلوب بنائها مع ما هو موجود في موقع الأخدود بمنطقة نجران.