إن الصمت على مستوى شخصي يسمح بالهدوء والاستماع إلى الصوت الداخلي ويعطي مساحة للتفكير. ولكن ماذا لو أن هذا الصوت الداخلي لم يكن يحدثك كصديق؟ لو أن قلة الخبرة الحياتية تضيع الصوت في منحنيات خطيرة؟ ماذا لو أن ما يوجه الصوت الداخلي هي شكوك ومخاوف أو إحساس بالنقص؟
الصمت في العلاقات كذلك محمل بالتعقيدات. فمساحته تشكل بيئة خصبة للشكوك والأفكار. لعل علاقة الرجل والمرأة خير مثال. فبينما يعتبر الرجل الصمت استمرارا لحال سابق لم تطرأ عليه تغيرات، قد تجد المرأة نفسها في دوامة لتحليل الصمت وإعطائه معاني قد لا يتحملها الموقف، بينهما يصبح الصمت مساحة للتباعد وسوء الفهم والتبريرات المكررة لتثقل علاقتهما وتزيد من الصمت.
كسر هذه الدوامة يأتي بالحوار والاستيضاح والصبر. وإن كانت هذه الوصفة سهلة ومنطقية من حيث المطلوب إلا أن واقعنا يوضح أن تطبيقها ليس دون صعوبات. إن كان هذا حال الكبار، فما حال الأطفال الذين نتركهم في مساحة الصمت وحدهم؟
استوقفتني جملة في كتاب «Braving the Wilderness» للكاتبة بريني براون (Brene Brown) تقول فيها إنه «في بعض الأحيان يكون أخطر شيء على الأطفال هو الصمت الذي يسمح لهم ببناء قصصهم الخاصة - القصص التي تصورهم دائما على أنهم وحدهم ولا يستحقون الحب والانتماء».
في ظل الظروف الراهنة مع جائحة فيروس كورونا (Covid-19) تغيرت كافة جوانب حياتنا. بدلا من الخروج للعمل والدراسة بقينا في البيت رغم ما تعلمناه عن الانضباط والمسؤولية. انعزلنا عن العائلة الممتدة رغم ما تعلمناه عن أهمية صلة الرحم، امتنعنا عن المساجد رغم التأكيد على أجر صلاة الجماعة، انقلبت ظروف حياتنا رأسا على عقب لنتفهم ونعتاد بعد حين وإن كان البعض منا ما زال
لم يستوعب حجم هذا التغير الجذري في أسلوب الحياة.
إن كان هذا حال الكبار فما بالنا بالأطفال الذين وجدوا نفسهم في محيط ضيق ومتغيرات قد لا يفهمونها بشكل كامل. لعلهم يسمعون أجزاء قصة ويكملونها بافتراضات غير صحيحة ومن ثم يبنون عليها، في هذه الحالة علينا أن ندخل عالمهم ونسمع منهم لنوضح ونكمل الناقص ونعينهم في تخطي هذه الفترة بألا يستندوا إلى صوت الصمت فقط.
sssolaiman@