الموقف السعودي
وقال المستشار الاقتصادي د. علي بو خمسين إن الانخفاض المتسارع الذي تعرضت له أسعار عقود التداول لشهر مايو لخام نفط غرب تكساس إلى أن أقفلت على سالب 37.70 دولار يعتبر ظاهرة تحدث للمرة الأولى في تاريخ أسواق النفط العالمية.
وأشار إلى أن هذا الحدث يعد تجسيدا كبيرا لظاهرة تسمى بـ «الكونتانغو» وهي عودة براميل النفط باتجاه عكسي للبائع لأنه لم يجد من يشتريها فيصبح هو المسؤول عنها ويطالب بقيمه تخزينها أيضا وهذا ما جعل البرميل يباع بقيمة السالب زائد تحميلها تكلفة التخزين.
وعزا بو خمسين أسباب تدهور سعر برميل نفط غرب تكساس إلى انحسار الطلب وشلل الاقتصاد العالمي، إلى جانب تراكم كبير في مخزونات النفط العالمية ما سبب ارتفاعا هائلا في معدل العرض نتج عنه انخفاض كبير في الأسعار العالمية.
وأشار إلى أنه لا يمكن إغفال أثر الاتفاق التاريخي الذي نجحت المملكة في عقده مع روسيا وعدد من دول منتجة خارج منظمة «أوبك» الخاص بخفض الإنتاج ليكون بمثابة طوق نجاة ألقي على أسواق النفطية العالمية، إلا أنه لم يكن كافيا، لأن عددا من كبار الدول المنتجة مثل المكسيك وأمريكا وكندا لم تلتزم بتخفيضات جدية لتقليل حجم الفائض بالسوق العالمية، ومع ذلك فقد حدت من الكميات الفائضة إلا أن فرق الطلب القائم حاليا أقل من فائض العرض الذي يقدر بـ ٢٥ مليون برميل، وما تم تخفيضه إلى ١٠ ملايين برميل تقريبا فإن هذا يعني أن السوق لا تزال تعاني تخمة العرض التي حتما ستنعكس على الأسعار.
وأكد بو خمسين أن الأزمة ستظل طالما ظلت الأسباب التي خلقتها قائمة ومن ثم ستعود الأمور تدريجيا لسالف وضعها السابق مع عودة الحياة للاقتصاد العالمي بعد تعافيه من آثار جائحة «كورونا».
الفائض الأمريكي
وأكد الخبير النفطي من دولة الكويت د. حجاج بو خضور أن جائحة «كورونا» أوقفت الاقتصاد العالمي بشكل شبه كامل، وأثرت على قطاع النفط كباقي القطاعات الصناعية والتجارية والشركات المدرجة في أسواق المال.
وقال إن أمريكا تواجه حاليا ثلاثة تحديات فيما يخص انخفاض أسعار نفط غرب تكساس وهي زيادة معدل إنتاج الشركات المحلية من الزيت الصخري والنفط التقليدي بعد إعادة فتح مجال الاستثمار واستكشاف النفط في السواحل الأمريكية وأراضيها في عهد الرئيس السابق باراك أوباما والذي كان مغلقا منذ عقود مضت تمتد إلى عهد الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان، حيث حول ذلك أمريكا من بلد مستورد إلى بلد مكتف ذاتيا في إنتاج النفط، وكذلك اجتياح فيروس «كورونا» المستجد لأغلب دول العالم والذي جعل هذه الشركات تواجه انهيار أسعار النفط دون مستويات الـ 50 و40 دولارا مما كانت عليه قبل الجائحة إذ دفعها ذلك إلى التقدم بطلب بخفض الإنتاج لكل من السعودية ومنظمة «الأوبك» من أجل وقف هذا الانهيار لوجود عقود إنتاج كثيرة أبرمت في شهري فبراير ومارس الماضيين حيث حل وقتها ولا تجد في السوق الأمريكية طريقا لتسييلها.
وأضاف أن التحدي الثالث امتلاء المستودعات الأمريكية مما يصعب معه تخزين الكميات الزائدة من النفط جراء إقفال الاقتصاد بأمريكا، والذي دعا الحكومة الأمريكية إلى إعادة تشغيل المصانع لاستهلاك الفائض من النفط على الأراضي الأمريكية وبالأسعار العالمية.
وأضاف بو خضور إن انهيار أسعار نفط غرب تكساس ليس له أية تبعات مستقبلية على الأسواق الخليجية ولن يؤثر عليها إلا في حدود ظروف الجائحة كما هو حاصل الآن، ولكن تبقى معالجة مشكلة انخفاض الأسعار داخل أمريكا وليس من خارجها وذلك بتخفيض إنتاجها المحلي.
وأكد بو خضور أنه يجب على الحكومة الأمريكية فتح الاقتصاد الأمريكي بأغلب قطاعاته لتجاوز أزمة هبوط الأسعار الحالية، بعد زوال أزمة جائحة «كورونا» خاصة مع وجود توقعات تشير إلى أنه في نهاية شهر يونيو القادم سيتجه سعر برميل النفط الخام إلى سقف الـ 40 دولارا ومواصلة الارتفاع بعد ذلك.