وأشار الكاتب إلى أن ماكرون أبلغه حينها «عندما تحدث الأزمة الكبرى التالية، قد لا نكون مستعدين. «لقد اختفت الإمبراطوريات والبلدان في الماضي. يمكن أن يحدث نفس الشيء مرة أخرى. قبل أن نعرف ذلك، قد تنطمس أوروبا».
ومضى الكاتب يقول: «في خضم جائحة أودت بحياة عشرات الآلاف من الأرواح وأوقفت اقتصاد الاتحاد الأوروبي، وصلت لحظة الحقيقة الخاصة بأوروبا إلى ماكرون بشكل مفاجئ ومثير للصدمة».
وأضاف: «لقد تسبب وباء فيروس كورونا بالفعل في خسائر بشرية هائلة، وأغلقت أنظمة الرعاية الصحية المبهرة في أوروبا. لكن تأثيره الأكثر ديمومة قد يخاطر بتدمير حلم أوروبا الذي دام عقودًا من الزمن في بناء اتحاد من الديمقراطيات المزدهرة التي تؤمن بمصير مشترك وصياغة عصر جديد من التنوير في القرن الحادي والعشرين، حيث فشلت تلك الدول في التعاون في خطة لمعالجة التداعيات».
وأردف بقوله: «بمجرد أن تهدأ الأزمة الصحية الفورية، فإن أوروبا ستترنح لسنوات من الآثار المدمرة لعمليات الإغلاق الطويلة التي وضعت اقتصاداتها في غيبوبة».
وتابع بقوله: «ناشد ماكرون زملاءه قادة الاتحاد الأوروبي لاغتنام الأزمة المتفاقمة كفرصة لتسريع التوجّه نحو قارة أكثر تكاملًا، بدءًا من إظهار قوي للتضامن والكرم بين الدول الغنية والفقيرة».
وأضاف: «لكن في هذه المرحلة من الأزمة، تبدو رؤية ماكرون لمجتمع سياسي متماسك يحمي ويدافع عن 450 مليون مواطن أوروبي أبعد من أي وقت مضى».
وأشار إلى أن الأزمة كشفت عن أعطال قديمة، بما في ذلك الانقسام العميق بين الشمال والجنوب. وظهرت هذه الاختلافات في قمة افتراضية الأسبوع الماضي، عندما فشل قادة الاتحاد الأوروبي في حل انقساماتهم العميقة حول صندوق الإنعاش لمساعدة الأعضاء في جنوب أوروبا على التعامل مع التأثير الكارثي للوباء.
وتابع: «طالبت إيطاليا وإسبانيا، بدعم من فرنسا، بتمويل ضخم بقيمة تريليون يورو ينطوي على تحويل مباشر للأموال للحفاظ على اقتصاداتهما واقفة على قدميها، ممولة إلى حد كبير من دول شمالية غنية مثل ألمانيا وهولندا. وتصر تلك الدول على أن الأموال يجب أن تأتي بشكل مِنَح، وليس قروض، حتى لا تتزايد الديون المستحقة عليها».
وأوضح أن الدول الغنية لا ترغب في تقديم الأموال على شكل مِنَح، خشية غضب دافعي الضرائب في الداخل، وهو الأمر الذي قد تستغله الحركات القومية المتطرفة ضد الحكومات.
وأردف: «إلى جانب النزاع بين الشمال والجنوب بشأن صندوق التعافي من الجائحة، يواجه الاتحاد الأوروبي أيضًا أزمة ديمقراطية محتملة، حيث إن المجر وبولندا في خلاف متفجر مع حلفائهما في الاتحاد الأوروبي، وتتحولان بسرعة إلى أنظمة استبدادية في قلب أوروبا الوسطى، وتخرقان المعايير الديمقراطية مثل الصحافة الحرة والقضاء المستقل».
وأوضح أن حكومتي الدولتين صدتا الجهود العقابية التي بذلها نظراؤهما الغربيون الأثرياء لخفض مليارات الدولارات من الإعانات الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز مستويات معيشتهم.
وأشار إلى أن ماكرون حاول دون جدوى علاج هذه الصراعات، ولا يزال يكافح من أجل تقديم قضيته بأن أوروبا يجب أن تصبح مجتمعًا سياسيًا متكاملًا، لكن ستحل المأساة إذا تلاشى حلم أوروبا الموحدة بسبب المصالح الأنانية الضيقة لأغنى دولها.