ومضى يقول: «هذا ما حدث مباشرة بعد هجمات 11 سبتمبر في عام 2001، عندما لم يقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عند تعاطفه وتضامنه مع الشعب الأمريكي فحسب، بل قدم أيضًا دعمًا ماديًا للعملية الأمريكية لمكافحة الإرهاب في أفغانستان».
ولفت إلى أن ذلك حدث أيضًا في عام 2015، حين سيطر تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، وكان يهدد بغداد ودمشق.
ومضى يقول: «حينها، دعا بوتين إلى تحالف واسع ضد داعش. وحتى بعد رفض الولايات المتحدة هذه الدعوة، حاول بوتين تحويل سوريا إلى ساحة للتعاون الدبلوماسي بين روسيا والولايات المتحدة».
وأضاف: «وباء فيروس كورونا المستجد مجرد فرصة أخرى يمكن أن تستخدمها موسكو للتعاون مع واشنطن».
ومضى يقول: «يمكن إرجاع جذور هذا النهج إلى الحرب العالمية الثانية، حين أدى غزو هتلر للاتحاد السوفيتي عام 1941 إلى تحويل العلاقات العدائية بين موسكو وواشنطن ولندن إلى تحالف بين عشية وضحاها».
وتابع: «لقد رفع التحالف المناهض لهتلر موسكو إلى قمة السياسة العالمية، وذلك في المؤتمرات الثلاثة الكبرى في طهران ويالطا وبوتسدام».
وأردف: «لم يدُم هذا التحالف بعد انتهاء الجهد الحربي، لكنه ترك العديد من الروس يحملون فكرة أنه إذا هدّد هتلر جديد العالم، فإن موسكو وواشنطن ستضعان خلافاتهما مرة أخرى جانبًا، وتقفان جنبًا إلى جنب ضد عدوهما المشترك».
وأضاف: «ففي أوائل العقد الأول من القرن 21، كانت أفكار موسكو بشأن قيام روسيا والولايات المتحدة بقيادة تحالف عالمي لمكافحة الإرهاب مستوحاة بشكل مباشر من تجربة الأربعينيات».
ولفت إلى أن السبب الرئيسي الذي يدفع موسكو للتواصل مع واشنطن بعرض التعاون في أزمة غير وجودية هو أن التحالف سيسمح لها باختراق المعوقات التي تعرقل العلاقة.
ومضى يقول: «في عام 2001، كانت العقبة متمثلة في الحرب في الشيشان، والتي كانت تعتبرها روسيا حملة ضد الإرهاب، ولكن الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا كانت تعتبرها قمعًا وحشيًا لحركة الانفصال العرقي. وفي عام 2015، كانت الأزمة المتعلقة بأوكرانيا هي التي دفعت الغرب إلى فرض عقوبات على روسيا».
وأشار إلى أن الوضع اليوم تظهر قائمة طويلة من الاتهامات الأمريكية ضد روسيا، بداية من تدخّلها في منطقة دونباس الأوكرانية والتدخل الانتخابي في الولايات المتحدة إلى الحرب في سوريا، لكن المشاركة الناجحة بين البلدين ستسمح لروسيا بالتعاون مع الولايات المتحدة دون تقديم أي تنازلات كبيرة.
وأردف: «نظرًا لأن الطبقة السياسية الأمريكية بأكملها تقريبًا لديها نظرة سلبية للغاية تجاه روسيا، فإن إيماءات موسكو ومبادراتها موجّهة إلى الرئيس دونالد ترامب شخصيًا. والهدف هو حمله على قبول الحوار مع روسيا بشأن تمديد معاهدة ستارت الجديدة بشأن تخفيض الأسلحة النووية، والتي من المقرر أن تنتهي في فبراير 2021. وربما يكون جدول الأعمال الروسي واسعًا ليشمل الشرق الأوسط وأوكرانيا».
وتابع: «من الناحية التاريخية، لم يحقق هذا النهج الكثير لروسيا»، مضيفًا «مع ذلك، فإن أحد جوانب أزمة فيروس كورونا، وتحديدًا انهيار أسعار النفط، دفع ترامب إلى التواصل مع بوتين والاتفاق على تخفيضات كبيرة في الإنتاج. بالنسبة لروسيا، وكان لهذا التدخل تأثير إيجابي».
ولفت إلى أن الدرس المستخلص من ذلك هو أن جهود روسيا لإشراك الولايات المتحدة في التحالفات باستخدام نموذج الحرب العالمية الثانية محكوم عليها بالفشل، ومع ذلك، يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة عندما تتواصل مع روسيا من أجل مصلحتها الذاتية، تمامًا كما فعلت، بالمصادفة عندما هاجم هتلر الاتحاد السوفيتي عام 1941.