وعند بوابات الطوارئ المتعددة رأيت الممرضين كخلية نحل بين تسجيل وتعقيم والعاملين وهم بين توجيه وتنظيم، وكلهم حول تلك السياجات الخضراء يشعرونك بالأمان وأنت تشعر بالاطمئنان نتيجة لتلك الإجراءات المشددة وبعد الانتظار انتقلنا إلى مرحلة التنويم.
ولم يكن دخولى كمرافق بأقل شدة وصرامة بما كان عند الطوارئ فما وصلت لغرفته بنجاح، إلا بعد أن مررت بالعديد من المحطات التي جهزت بالفرق الطبية والطواقم الإدارية التي جعلت المستشفى في حالة تأهب قصوى رغم خلوه من حالات الكورونا.
والحقيقة فقد عشت واقع الأرق الذي أفرزه لي ذلك القلق من كثرة ما نسمع ونرى فكيف بمن هو داخل المستشفى والذي لا يسمع إلا الأنين ولا يشاهد إلا البياض، ومع انبثاق فجر ذلك الصباح لا ترى في ذلك المربع الإشرافي إلا أصوات الأطباء وحركة الممرضات بين كشوفهم وملفاتهم لمتابعة جدولة مرضاهم كما هو متبع في جميع مراكز الرعاية الصحية.
لقد بقيت محدود الحركة أمام صعوبة الدخول والخروج لأخذ كافة الاحترازات التي دائما ما يجهزونها في كل مكان، وصدق القائل من رأى مصيبة غيره هانت مصيبته فالمريض السبعيني المجاور لنا لا يستطيع تحريك قدميه بسبب الحمى المالطية، والشاب الأنيق الذي أمامنا واستأنست به كان عنده جلطات داخلية كما يقول وبعد ظهور نتائج الأشعة وجدوا اشتباه سرطان بالكبد -عافاهم الله جميعا- فلم يحتمل وقرر الخروج!.
صحيح أنني تعودت أن ألوم من أحب وقد احتمل أحيانا ما أكره إلا أن قدسية هذا الشهر المبارك وشبح خطورة هذا الوباء زاد من رغبتي في الخروج، بعد أن رأيت تحسن حالة ابني بنسبة عالية وقد حاول الأستاذ خالد المالكي الذي كان شعلة من النشاط في ذلك المربع أن يثنيني عن الخروج بعد اطلاعه على بطاقة عملي وتغيير المكان، إلا أن القفص مهما كان جميلا فالحرية أجمل!
إن تلك الليالي الأربع كشفت لي عن كثب ما قدمته وتقدمه قيادتنا الكريمة من أدوات وأجهزة.. غصت بها حتى ممرات ذلك المربع من أجل الجميع، وضد فيروس -قاتله الله- تعدى كل القلاع وتخطى كل الأصقاع .
*الغصن الأخير:*لكل جائحة أو فيروس عبر ودروس لا يخسرها إلا جاهل ولا يكسبها إلا عاقل!!
@yan1433