وعزت المجلة السبب وراء تنبؤاتها الاقتصادية الإيجابية للمملكة بعد انتهاء أزمة كورونا إلى 3 أسباب، هي: موارد المملكة المالية، التي يمكن أن تتغلب على تلك الأزمة، على عكس منتجي النفط الآخرين، خاصة أن السعودية لديها احتياطيات مالية قوية، إضافة إلى أن انخفاض الدين العام، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي الذي يصل إلى 24 % بنهاية العام الماضي، مع وجود 474 مليار دولار احتياطي للنقد الأجنبي.
وأضافت إن السبب الثاني، أن الأزمة ستنتهي بارتفاع في عائدات النفط للمملكة وحصة أكبر من السوق العالمية بمجرد استقرار السوق، وذلك بفضل تخفيضات الإنتاج والإغلاق بسبب الانهيار الاقتصادي العالمي.
وبحسب فورين بوليسي، سيضع الوضع الحالي في سوق النفط الأساس لطفرة الأسعار في السنوات المقبلة، إذ يتوقع ازدهار إيرادات المملكة بشكل كبير.
وفي حين أن التوقعات المستقبلية للطلب على النفط غير مؤكدة إلى حد كبير الآن، إلا أنه بمجرد انتهاء الأزمة الحالية، فمن المرجح أن ينمو الطلب بشكل أسرع من العرض.
وأضافت: «تمهد أزمة فيروس كوفيد 19 الطريق لتغيير أسواق النفط وارتفاع الأسعار مستقبلًا، مشيرة إلى أن المملكة إلى جانب عدد قليل من دول الخليج الأخرى وروسيا، لن تستفيد من الأسعار المرتفعة فحسب، بل ستجد في الواقع فرصًا أكبر لزيادة حصتها في السوق وبيع المزيد من النفط بعد انتهاء الأزمة».
وتركز المملكة على التوسع العالمي مع انخفاض الأسعار، فيما تناقش مع الكويت جلب المزيد من النفط إلى السوق من حقل مشترك يمتد عبر حدودهما وفقًا للمجلة.
وأضافت إنه على الجانب الآخر وبعيدًا عن المملكة، قد يجد أعضاء منظمة الأوبك الأكثر ضعفًا من الناحية الاقتصادية صعوبة في الاستثمار في إعادة تشغيل وصيانة العرض -فضلًا عن زيادته-، وبالتالي سيشهدون نموًا بطيئًا في الناتج. وهذا بالضبط ما حدث في إيران والعراق ونيجيريا وفنزويلا، بعد تحطم أسعار النفط في الفترة بين عام 1998 و1999.
وأشارت إلى أن السبب الثالث لكون المملكة المستفيد الأكبر بعد الأزمة، أنها عززت مكانتها الجيوسياسية من خلال دعم تحالفها مع الولايات المتحدة وإعادة تأسيس نفسها كمنتج قوي في سوق النفط العالمية، ومع تدافع المنتجين والمستهلكين الرئيسيين لمنع زيادة المعروض من النفط حتى لا يتم الضغط على مرافق التخزين في العالم، لجأوا أخيرًا إلى السعودية لقيادة أوبك والمنتجين الرئيسيين الآخرين في إجراء خفض الإنتاج التاريخي.
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن المملكة تلعب دورًا عالميًا متزايدًا في سوق النفط، بداية من تحديد حصص إنتاج النفط في تكساس وصولًا إلى إنشاء «كارتل عالمي» جديد للنفط من خلال مجموعة العشرين.
وقالت: «كان الاتصال بالرياض هو الخيار الحقيقي الوحيد المتاح لصانعي السياسات في نهاية أزمة أسعار النفط الأمريكي -كما كان الحال منذ فترة طويلة- وذلك لأن السعودية كانت الدولة الوحيدة الراغبة منذ فترة طويلة في الاحتفاظ بتكلفة ذات مغزى من الطاقة الإنتاجية الفائضة، التي تسمح لها بإضافة أو طرح الإمدادات من أو إلى السوق بسرعة».
وهذا الموقف الفريد لا يمنح المملكة قوة على سوق النفط العالمية فحسب، بل يكسبها أيضًا تأثيرًا جيوسياسيًا كبيرًا في السوق العالمية، سيظل هذا صحيحًا حتى تستخدم الدول كميات أقل من النفط، والذي لا يزال يمثل هدفًا مهمًا أيضًا لسياسة حماية المناخ.
ومن خلال قيادة الجهود الرامية إلى خفض إنتاج أوبك بلس، أوضحت المملكة لموسكو أيضًا أن روسيا لا يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها، بعدما حاولت القيام بذلك عندما انسحبت روسيا من مفاوضات أوبك + في مارس الماضي وأطلقت حرب الأسعار.
وحاليًا، تعتمد موسكو على الرياض في إدارة سوق النفط، أكثر من حدوث الأمر بالعكس، مما يعزز موقف السعودية في علاقتها مع روسيا، خاصة مع التداعيات المحتملة للأزمة في الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ذلك، حسنت المملكة مكانتها في واشنطن، بعدما ساعدت الولايات المتحدة في أزمتها الأخيرة بسوق النفط. وسيزداد الزخم الأمريكي مرة أخرى في الأسابيع المقبلة، لكن هذا يعني فقط أن السياسيين الأمريكيين سيضطرون مرة أخرى إلى اللجوء للرياض لتمديد أو تعميق تخفيضات الإمدادات في اجتماع أوبك بلس المقبل في يونيو.
واختتمت المجلة بقولها: «بالنظر إلى توقعات السنوات المقبلة، من الصعب رؤية المملكة في أي شيء آخر غير أنها تقف في موقف قوي». وبعيدًا عن الأزمة الحالية، سينتهي الوباء بتعزيز الموقف الجغرافي السياسي للمملكة، وتعزيز دورها المحوري في أسواق النفط، ووضع البذور لزيادة حصتها في السوق، ورفع عائداتها من النفط في السنوات المقبلة.