ليس تشاؤما في المستقبل، ولكن من المهم أن نكون مستعدين بشكل أكثر مرونة لسنوات قادمة والتي قد تشهد تخوفا أكبر من انتشار الأوبئة، ومن خلال تعايشنا الحالي مع أزمة «فيروس الكورونا» أرى كوجهة نظر شخصية أن التغييرات التي أحدثتها الأزمة فيما يخص قطاع الأعمال والتوظيف لن تكون مؤقتة أو زائلة بزوال الأزمة، بل سيتم تعزيزها بشكل أكبر لأن العديد من الجهات «خاصة وعامة» خطت خطوات متقدمة في هذا الجانب وبوقت قصير جدا.
يتضح لنا أن إستراتيجية التوظيف المستقبلية ستتغير بشكل جذري وستعتمد على دمج بعض الوظائف حتى تكون هناك أدوار مرنة يمكن القيام بها عن بعد، وحتى المسميات الوظيفية ستتجدد بمسميات مستحدثة، والتغيير الجذري لأغلب الوظائف سنجده في تداخل مهام جديدة من وظائف أخرى بالإضافة للتركيز على المهارات الناعمة «Soft Skills» بشكل أكبر من المهارات الصلبة «Hard Skills»، وهذا الأمر لا ينحصر فقط على الوظائف بالقطاع الخاص.
المتضرر الأكبر من الفترة القادمة هم ذوو المهارات المتوسطة والمنخفضة، كما أن سوق العمل سيشهد تقليصا للأجور المتوقعة للخريجين الجدد بشكل عام مقارنة بالسنوات السابقة، وبنفس الوقت أعتقد أن هناك ارتفاعا للأجور في وظائف أخرى والتي يصعب تحويلها لعمل عن بعد، أما بالنسبة للعمل المرن «بجميع أشكاله» سنجد انتعاشا قويا له خلال الفترة القادمة وسيعتبر نموذجا سائدا، والأمر الإيجابي فيما يخص «العمل المرن» أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خطت خطوات رائعة في هذا الجانب منذ فترة سابقة مما يعزز من نجاح تطبيقه على أرض الواقع.
المملكة منذ سنوات وهي في تحولات اقتصادية كبيرة ومتسارعة، وأرى أن الوقت حان لعدم الاعتماد على الدليل الاسترشادي لأنظمة العمل العربية بالإضافة إلى الدليل العربي الخليجي الموحد للتصنيف والتوصيف المهني، وبلا شك المملكة قادرة على قيادة هذا الملف وإعادة صياغته بما يتناسب مع المرحلة القادمة وفقا لأفضل الممارسات المتعارف عليها في إدارة الموارد البشرية.
ختاما: خطوتان من المهم العمل عليهما للفترة القادمة، تبدآن بإنشاء مركز وطني مختص في متابعة التحول المستقبلي للوظائف، ومن ثم تعديل مواد نظام العمل للقطاعين العام والخاص بما يتواكب مع المتغيرات المحتملة لقطاع الأعمال مستقبلا.
@Khaled_Bn_Moh